ويدخل في زمرة الصالحين أن يفعل ذلك القبيح عمدا، وسيما بحيث يكون هذا مورد سؤال الراوين في جملة من الأحيان. ولعله لا فرق بينه وبين الخطاء بل هو الأغلب والشائع. والحمل على جاهل المسألة أيضا بعيد، مع أن الجاهل صلاته باطلة غالبا على ما هو التحقيق، فلا يلائم المقام.
وبالجملة: فالذي يجده الطبع السليم أن المراد بتلك الأخبار هو صورة النسيان أو الخطأ، والذي يشيد أركان ذلك ما يأتي من موثقة ابن فضال في الهوي إلى الركوع قبل الإمام، لما ذكرنا من أنه لا فرق بين الخطأ والنسيان، ولا قائل بالفصل بين حكم الرفع والهوي، فيتم التقريب به.
وأما موثقة غياث فلما كانت مخالفة لتلك الأخبار الكثيرة الصحيحة فلا بد من حملها على صورة العمد، وليس ذلك التوجيه بنفسه دليلا للاستمرار حالة العمد، إذ الدليل لابد أن يكون نصا أو ظاهرا.
وما ذكرناه من الظهور في تلك الأخبار غاية ما يثبت منها مفهوم لقبي، ولا حجية فيه حتى نقول إنه هو المخصص للموثقة، فنقول: إن الأصل في الصلاة عدم جواز الزيادة على الهيئة المخصوصة، لكونه مخرجا لها عن المطلوب للشارع، ولا ريب أن زيادة كل واجب في الصلاة أو نقصانه عمدا مبطل للصلاة، فهذا الأصل أصل متقن، ولم يثبت مخصص له، فلا يجوز حينئذ العود، للزوم الزيادة، غاية ما ثبت من الرخصة هو في حالة النسيان، لظهور الأخبار في ذلك، وعدم جواز مخالفة الأصل إلا بالقدر المتيقن، فموثقة غياث مقرر للأصل، ولم يوجد هناك ناقل يقاومه ليترجح عليه، لما ذكرنا من عدم ظهور الأخبار في العامد، مع أن الترجيح للمقرر كما هو التحقيق، والقدر الذي قابله الناقل لقوته - وهو صورة النسيان - فقد خصصناه، فيبقى صورة العمد بحاله.
ومن هذا يظهر وجه تفرقة الأصحاب، ولكن يبقى الإشكال في تصريحهم بأنه يستمر حتى يلحقه الإمام، ولم يحكموا ببطلان الصلاة حينئذ، بل وحكموا بصحته، فإن المحقق والمقرر عندنا بل وعند العلماء كافة وجوب المتابعة، ومع