وأما رواية زرارة فلا وضوح في دلالتها، بل بعض ألفاظها متشابهة مع قطع النظر عن سندها، ولم أفهم المراد من لفظ " قربها " (1) ومرجع الغير المنصوب فيها، فإن كان المرجع فيها الميت بتأويل الجنازة، والمراد من القريب الولي، فلا دلالة فيها على ما نحن فيه.
وفي بعض النسخ مكان قربها " كان تركها " ثم جعل بالحك والإصلاح قربها، وعلى نسخة " تركها " لها مناسبة في الجملة بالمطلوب.
ولعله نظر إلى ترك استفصال الإمام عن القريب فيشمل غير الولي، ولما لم يجب على غير الولي فعلها بالإجماع، فلا بد أن ينزل على تحصيلها من مال الميت.
ويحتمل أن يكون أصل النسخة " فوتها " من التفويت، يعني فوت العبادات والصلاة، فصحفت، وهو أنسب بمقصود المستدل.
وعلى أي حال فالاعتماد على مثل هذه الأدلة في حكم مخالف للأصل لا وجه له، سيما مع فتوى الأكثرين على خلافه، بل ليس في النظر قول إلا ما ذكره الشهيد هنا، وما (2) نسبه في المسالك إلى أبي الصلاح أنه جعله كالحج (3).
نعم في كلام بعض أصحابنا إشارة إليه في كتاب الوصايا، مثل المحقق - رحمه الله - في النافع حيث قال: ولو أوصى بواجب وغيره أخرج الواجب من الأصل والباقي من الثلث (4)، وكذا عبارة الشرائع (5).
ومقتضاه وجوب اخراج الواجب من الأصل مطلقا، ماليا كان مثل الزكاة، أو مشوبا بالمال كالحج، أو بدنيا محضا كالصلاة والصوم، وهذا الإطلاق مشعر بأنه لو لم يوص يخرج من الأصل كالزكاة والحج.