إلا أن يقال: المراد من قوله " بواجب " الواجب الإخراج لاما هو واجب على المكلف.
ولذلك قال في الذكرى في هذا المقام: لو أوصى بفعلها من ماله فإن قلنا بوجوبه لولا الإيصاء كان من الأصل كسائر الواجبات، وإن قلنا بعدمه فهو تبرع يخرج من الثلث إلا أن يجيزه الوارث (1).
وعلى كل حال فالمشهور أن الوصايا الواجبة البدنية تخرج من الثلث، وما حسبه بعضهم أنه لا خلاف فيه غفلة كما عرفت.
نعم قول المشهور أقوى، فيجب الإخراج من الثلث أي مع إجازة الوارث.
نعم تقدم الواجبات على المتبرع بها وإن كانت مؤخرة في الذكر كما ذكره جماعة من الأصحاب، ولم أقف على مصرح بخلافه إلا صاحب الكفاية، حيث أسند الفتوى إلى بعض الأصحاب، وقال: إن حجته غير واضحة (2).
ويمكن أن يكون نظر الجماعة إلى العلة المستفادة من حسنة معاوية بن عمار لإبراهيم بن هاشم، رواها في التهذيب قال: أوصت إلي امرأة من أهلي بثلث مالها، وأمرت أن يعتق ويحج ويتصدق، فلم يبلغ ذلك، فسألت أبا حنيفة عنها، فقال:
يجعل أثلاثا، ثلث في العتق، وثلث في الحج، وثلث في الصدقة، فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام، فقلت: إن امرأة من أهلي ماتت وأوصت إلي بثلث مالها، وأمرت أن يعتق عنها ويتصدق ويحج عنها، فنظرت فيه فلم يبلغ، فقال: " ابدأ بالحج، فإنه فريضة من فرائض الله عز وجل، ويجعل ما بقي طائفة في العتق وطائفة في التصدق " فأخبرت أبا حنيفة بقول أبي عبد الله عليه السلام فرجع عن قوله وقال بقول أبي عبد الله عليه السلام (3).