أقول: وأراد بالأصول المقررة القاعدتين اللتين أشار إليهما، فعلم من ذلك أن استئجار الولي الغير لما وجب عليه داخل في ضمن القاعدتين، فظهر من ذلك أنه - رحمه الله - ادعى الاجماع عليه عموما وخصوصا، بل ويظهر الاجماع من ابن زهرة أيضا (1)، حيث نقل في الذكرى قبل ذلك عنه ما يؤذن به، قال: واستدل ابن زهرة على وجوب قضاء الولي الصلاة بالإجماع أنها تجري مجرى الصوم والحج، وقد سبقه ابن الجنيد بهذا الكلام حيث قال: والعليل إذا وجبت عليه الصلاة وأخرها عن وقتها إلى أن فاتت قضاها عنه وليه كما يقضي حجة الاسلام والصيام، قال: وكذلك روى ابن يحيى بن إبراهيم بن سام عن أبي عبد الله عليه السلام، فقد سويا بين الصلاة وبين الحج، ولا ريب في جواز الاستئجار على الحج (2)، انتهى.
ثم ادعى بعد ذلك الاجماع في طي القاعدتين، ثم مطلقا، إلى آخر ما نقلنا عنه، ويمكن أن يكون نقل قول ابن زهرة وابن الجنيد من ابن طاوس - رحمه الله - وعلى أي حال، فظاهر دعوى ابن زهرة أن الصلاة كالحج اتحادهما في جميع الأحكام حتى في استئجار الولي.
وكيف كان فالأظهر ترجيح جواز الاستئجار، أما أولا فلظاهر إجماع الذكرى عموما وخصوصا، وظاهر دعوى ابن زهرة الاجماع على التسوية.
وأما ثانيا: فلعموم بعض الأخبار المتقدمة كما قال ابن طاوس - رحمه الله - بعد ما نقل رواية عمر بن محمد بن يزيد الآتية قوله عليه السلام: " إخوة في الدين " إيضاح لكل ما يدخل تحت عمومه، من الابتداء بالصلاة عن الميت أو بالإجارات.
وأما ثالثا: فلمنع دخوله تحت ما يجب على المكلف نفسه; لأن المسلم من الأخبار هو وجوب إبراء الذمة على الولي، وأما بخصوص أن يفعل ببدنه فلا.
ويؤيده جواز وصية الميت بعباداته الواجبة كما سيجئ، سواء وصى بالاستئجار