فلا يثبت التحريم بالشك (1).
ثم إنه يشكل المقام بتجويزهم هنا الملاعبة واللمس مع ظن حصول الإمناء، وحكمهم ثمة بالإفساد، مستدلين بأنه يصدق عليه أنه أجنب متعمدا فيفسد صومه، مع أن الجنابة عمدا في الصوم حرام; لأنه إفساد للصوم الواجب، فهذا من أعظم الشواهد على أنهم أرادوا ثمة من الملامسة وأشباهها ما كان بقصد الإنزال، أو ما كان معتادا فيها الإنزال.
فلم يظهر كون فتوى جمهور الأصحاب في مثل ما لم يكن أحد الأمرين - وإن كان مع غلبة الظن بالحصول - الإفساد ولزوم الكفارة; لأنه ليس بجنابة عمدا في نهار رمضان. ويؤيده ما سننقل عن المنتهى في مسألة الاحتلام (2).
وعلى هذا فيبقى الإشكال في الحكم بالكراهة; إذ الغالب الوقوع في الأخبار وكلام الأصحاب أن الحكم بالكراهة لخوف العاقبة إنما يكون فيما كانت العاقبة محرمة، كالصيرفة وبيع الأكفان وغير ذلك، فإذا لم يكن الإنزال على غير وجه الاستمناء والاعتياد حراما مفسدا فلا يناسب الحكم بالكراهة.
ويمكن دفعه: بأنه لخوف الوقوع في العمد ولو بغلبة الهوى والشهوة بحيث يخفى عليه الأمر في أن الملاعبة في الآن الأخير مما يعتاد الإنزال عقيبها حتى يمسك عنه، أو لخوف الوقوع في الوطء وذلك لا يخرجه عن التعمد; إذ هو بنفسه صار باعثا للاختفاء، فلا منافاة بين جواز المقدمات وحرمة العاقبة، كما لا منافاة بين عدم وجوب مقدمة الواجب ووجوب نفس الواجب.
وقولهم " بأن تجويز الترك في المقدمة يستلزم خروج الواجب عن الوجوب، أو لزوم تكليف ما لا يطاق " في غاية الضعف; إذ تجويز الترك لا يخرج الواجب عن المقدورية، فهو قادر على أن لا يترك فيأتي بالواجب، غاية الأمر أن الآمر سهل مؤونة المأمور في