بعدم الإنزال ولو ظنا، فإن تلك الرخصة مع استعقابها للكفارة في غاية البعد.
وأما ما ذكره صاحب الكفاية من عدم اختصاص الصحيحة بالاستمناء (1) إن أراد أنها شاملة لما أمنى بمحض الاتفاق وإن لم يكن من قصده الإمناء أو من عادته أيضا، فهو بعيد.
وإن أراد أنها لا تدل على اشتراط القصد بالإمناء فلا نمنعه; لأنا نقول: إن القصد إلى الفعل المستلزم للإمناء عادة قصد إلى نفسه، وكلمة " حتى " يمكن أن تكون داخلة على العلة الغائية وعلى الغاية، وعلى الوجهين يتم الاستدلال، ويختص بما ذكرنا، ولا يعم ما ذكره.
والحاصل: أن المسلم في الإفساد هو تعمد إنزال المني، والعمد إنما يتحقق بقصد الإنزال، غاية الأمر دخول القصد إلى ما من شأنه ذلك، وهو اللمس وأشباهه إذا كان معدا لذلك، نظير ما ذكروه في شبه العمد، وإلحاقه بالعمد في القتل إذا كان بآلة قتالة وإن لم يقصد القتل، ومع اللمس القليل أو القبلة مع عدم اعتياده الإنزال بذلك وعدم قصده إليه، فلا يصدق عليه إنه إفطار بالإمناء قصدا.
وأما الأخبار الدالة على الإطلاق، فقد عرفت أن ظاهر صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج (2) هو التعمد بأحد المعنيين المتقدمين.
وكذلك مرسلة حفص بن سوقة (3)، فمع أنه لا يعلم عمل الأصحاب على إطلاقها ليجبرها ظاهرة في التعمد بأحد الوجهين كما يشعر به المضارع التجددي الظاهر في أن السبق والإنزال إنما نشأ منه استشعاره بذلك.
وأما رواية أبي بصير فهي ضعيفة (4)، ويمكن حملها على التعمد بأحد الوجهين.