فلا ريب في ضعف هذا القول وإن أيد بآية «وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم» (1) بناء على أن الطعام إما ما يطعم مطلقا فيشمل ما نحن فيه، أو الذبائح خاصة كما فسره بعضهم (2) فهو نص فيه، لما ظهر لك من الجواب عنه في الصحيح الثاني (3) ونحوه غيره (4). وحاصله حمل الطعام فيها على الحبوب.
وأما قول بعض الأصحاب في الجواب عنه بأن حمله على الحبوب كما ورد في الأخبار بعيد مع أن حملها غير مختص بهم بل شامل لجميع أصناف الكفار (5) فغريب، وأي غريب! بعد الاعتراف بالورود في الأخبار، التي منها الصحيح الصريح، وإن هو إلا اجتهاد صرف في مقابلته غير مسموع، لا يمكن المصير إليه، بل ولا الإصغاء إليه، مع أنه على تقدير سلامتها عن الجواب المزبور معارضة بعمومات ما دل على حرمة ما لم يذكر عليه اسم الله سبحانه من الكتاب والسنة، والرجحان لهذه الوجوه كثيرة، منها أصالة الحرمة وعدم معلومية التذكية الشرعية.
(وفي رواية ثالثة) حكي القول بها عن الصدوق: أنه (إذا سمعت تسميته فكل) (6) وهي أيضا مستفيضة.
منها الصحيح: في ذبائح أهل الكتاب فإذا شهدتموهم وقد سموا اسم الله تعالى فكلوا ذبائحهم، وإن لم تشهدوهم فلا تأكله، وإن أتاك رجل مسلم فأخبرك أنهم سموا فكل (7).