ثم على تقدير الصراحة، المصير إلى القول بالحرمة، لا يخلو عن قوة، لاعتضاد ما قدمناه من أدلتها بالشهرة العظيمة، التي هي من أقوى المرجحات الشرعية، ولأجلها لم تكن الرواية لها بمكافأة وإن كانت صحيحة، وعمل بها جماعة.
ثم إن المستفاد من ظاهر إطلاق العبارة وما ضاهاها من عبائر الجماعة والنصوص المتقدمة اعتبار التذكية خاصة بعد إدراكه وفيه حياة مستقرة، من دون إيجاب المسارعة إليه بعد إرسال الآلة والإصابة، وهو الأوفق بإطلاق الكتاب والسنة، إلا أن المشهور إيجابها شرطا على الظاهر أو شرعا، كما قيل (1).
ولم أجد لهم عليه دليلا صريحا، وإن احتمل توجيهه بأصالة الحرمة، وعدم انصراف الإطلاقات إلى صيد لم يتحقق إليه مسارعة معتادة، لأن المتبادر منها ما تحققت فيه، وإلا لحل الصيد مع عدمها ولو بقي غير ممتنع سنة ثم مات بجرح الآلة، ولعله مخالف للإجماع، بل الضرورة.
هذا، مع إمكان دعوى الاستقراء والتتبع للنصوص والفتاوى على دوران حل الصيد بالاصطياد وحرمته مدار حصول موته حال الامتناع به وعدمه مع القدرة عليه، فيحل في الأول دون الثاني إلا بعد تذكيته، وفي التنقيح عن الحلي الإجماع عليه، حيث قال: ولا يحل مقتول الكلب إلا مع الامتناع إجماعا (2).
وعلى هذا فلو أخذته الآلة وصيرته غير ممتنع توقف حلها على التذكية، فيجب تحصيلها بالمسارعة المعتادة. وهذه الحجة وإن اقتضت الحرمة بعد المسارعة أيضا مع إدراك التذكية وتركها بقصور الزمان ونحوه مما مر إليه