وضعفهما في المسالك (1) فالأول: بأن تخصيصه بعدم الجواز مع وجود الآلة إنما هو بالإجماع والأدلة، وهما لا تدلان على التخصيص في محل المشاجرة والعام المخصص في الباقي حجة.
وفيه مناقشة، لمنع عدم دلالة الأدلة على التخصيص في المسألة، لأن من جملتها النصوص المتقدمة الدالة على اعتبار التذكية بعد إدراكه وفيه حياة مستقرة، ومنه مفروض المسألة، وفقد الآلة ليس بعذر يوجب الحل وإن هو حينئذ إلا كما لو فقدها في الحيوان الغير الممتنع الممكن فيه التذكية. ولا يرد مثله فيما لو أدرك الصيد مستقر الحياة ولم يتسع الزمان لتذكيته، لاقتضائه الحرمة فيه أيضا، مع أن الأشهر الأقوى فيه الحل، كما مضى، لضعفه وإن احتج به في المختلف (2) لمختاره ثمة، وذلك لوضوح الفرق بينهما بصدق إدراك الذكاة الوارد في النصوص الموجب للحرمة بدونها فيما نحن فيه عرفا، بخلاف ما مضى، لعدم صدقه فيه جدا.
والثاني: بظهوره في صيرورة الصيد غير ممتنع لجهات إحداها: قوله:
«ولا يكون معه سكين»، فإن مقتضاه أن المانع من تذكيته عدم السكين لا عدم القدرة عليه، لكونه ممتنعا، ولو كان حينئذ ممتنعا لما كان لقوله: «ولا يكون معه سكين» فائدة أصلا. والثانية: قوله: «فيذكيه بها» ظاهر أيضا في أنه لو كان معه سكين لذكاه بها، فدل على بطلان امتناعه. والثالثة: قوله:
«أفيدعه حتى يقتله» ظاهر أيضا في قدرته على أن لا يدعه حتى يقتله، وأنه إنما يترك تذكيته ويدع الكلب يقتله، لعدم وجود السكين.
وهو حسن، إلا أن ما ذكره من القرائن لا توجب الصراحة، بل غايتها إفادة الظهور، وهو لا ينافي الحمل على ما ذكره المجيب، جمعا بين الأدلة.