وثانيا: إن الذي يظهر من جملة من الروايات أن فعله - صلى الله عليه وآله ذلك، وكذلك أصحابه كان لمصلحة سنحت لهم يومئذ، ولذا أنهم - عليهم السلام - بعد نقلهم ذلك عنه - صلى الله عليه وآله - أظهروا له الخالفة.
فمنها مروي الصدوق في العلل: عن الطواف أيرمل فيه الرجل؟ فقال:
أن رسول الله - صلى الله عليه وآله - لما أن قدم مكة وكان بينه وبين المشركين الكتاب الذي قد علمهم أمر الناس أن يتجلدوا، وقال: أخرجوا أعضادكم وأخرج رسول الله - صلى الله عليه وآله -، ثم رمل بالبيت ليريهم أنه لم يصبهم جهده، فمن أجل ذلك يرمل الناس وإني لامشي مشيا، وكان علي بن الحسين - عليه السلام - يمشي مشيا (1).
ونحوه مرويه الآخر صحيحا في الكتاب المسطور (2)، غير أنه لم يتضمن لنقل فعله، ولا فعل علي بن الحسين - عليه السلام -.
وهما صريحان في أن فعله - صلى الله عليه وآله - في خصوص ذلك اليوم كان لاظهار التجلد والقوة لمشركي قريش.
والمفهوم من الخبر الأول أن العامة اتخذوا ذلك سنة على الاطلاق بسبب هذه القضية، وأنهم - عليهم السلام - كانوا يمشون مشيا، وهو ظاهر في قصر الرمل على ذلك اليوم، للغرض المشار إليه. ومع ذلك فلا تخصيص فيه بالثلاثة الأول.
ويؤكد ذلك - وإن دل على تخصيص الرمل بالثلاث الأول - ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره عن أبيه قال: سئل ابن عباس فقيل له: إن قوما يروون أن رسول الله - صلى الله عليه وآله - أمر بالرمل حول الكعبة؟