وهكذا إذا قلنا: بأن جملة الشرط تصير عنوانا للموضوع، فيكون القضية بتية وهي: " أن المكلف المسافر يقصر " وعند ذلك أيضا فالقضية وإن كانت بتية، ولكنها في حكم الشرطية، لبقاء الوجوب المشروط على مشروطيته، ولا يصير مطلقا.
إن قلت: الحيثيات التعليلية ترجع إلى الحيثيات التقييدية، فتكون النتيجة بقاء الوجوب المشروط بحاله.
قلت: ما هو المشهور في محله هو رجوع الحيثيات التعليلية إلى التقييدية في الأحكام العقلية (1)، لا الأحكام الاعتبارية والتشريعية.
مثلا: إذا قلنا: " بأن الغصب قبيح، لأنه ظلم " يرجع هذا التعليل إلى أن ما هو القبيح بالذات هو الظلم، والغصب المقيد بالظلم قبيح بما أنه ظلم، بخلاف ما إذا قلنا:
" بأن الغصب حرام، والخمر حرام، لأنه ظلم " أو " لأنه مسكر " فإن هذا التعليل باق في الاعتبار على عليته، فيكون ما هو الموضوع للحكم بالحرمة عنوان " الغصب " و " الخمر " لا عنوان " الظلم " و " المسكر " ولا عنوانهما المقيد بهما، حتى يكون قيد الموضوع.
إذا علمت ذلك، فالذي لا ينبغي الارتياب فيه: هو ظهور القضية الشرطية في أن الشرط دخيل في الحدوث، ويكون واسطة في الثبوت، من غير وساطة الموضوع في ذلك. ولو كان يرجع إلى عنوان الموضوع، فلا يبقى ذلك الظهور بحاله، لاحتمال مدخلية الموضوع المركب في الحكم.
فإذا قال المولى: " أكرم زيدا العالم " فيحتمل دخالة زيد في الحكم إجمالا، ويكون الاحتمال قريبا عرفا، بخلاف ما إذا علقه على العلم، فإنه أقوى في دخالته في الحكم وعليته له، ولذلك اشتهر أقوائية ظهور القضية الشرطية في المفهوم من