تجب، أم لا؟
وعلى الأول يكون وجوبا نفسيا أو غيريا؟
وعلى الأول وجوبا نفسيا مطلقا، أو تهيئيا، على ما هو المنسوب إلى الأردبيلي وتلميذيه، كما أشير إليه في أصل المسألة (1)؟ وجوه تذكر في ضمن مسألتين:
المسألة الأولى: أن عدم فعلية الخطاب بالنسبة إلى غير البالغ، لا يمنع من صحة العقوبة على ترك الواجب والإخلال به بعد التكليف والبلوغ، إذا كان رشيدا يدرك المصالح والمفاسد، ومن أعظم المجتهدين البالغين أعلى مدارج الكمال، لما عرفت من فعلية الإرادة بحسب مرحلة الثبوت.
نعم، إذا لم يكن دليل من الشرع على المحافظة على تلك المقدمات في حقه، وكان ظاهر الأدلة هو شرطية البلوغ، فلا يجب ولا يستحق العقوبة، لأن اعتبار القضية الشرطية، لأجل ترخيص المكلفين في التوسعة في تحصيل المقدمات قبل تحقق الشرط، وإذا صار عاجزا عن الاحتياط والجمع، وأخل بالواقع، فهو عذر.
المسألة الثانية: أن ترك التعلم المؤدي إلى ترك الواجب مع العلم بذلك، لا يكون محرما شرعيا، بل ذلك يورث صحة العقوبة على الواجب النفسي المتروك، وذلك لا لعدم إمكان جعل العقاب عليه ثبوتا، أو لعدم إمكان اعتبار الوجوب النفسي للتعلم إثباتا، فإن كل ذلك بمكان من الإمكان، بل لعدم مساعدة الأدلة إثباتا على ذلك بعد كونه من المسائل العرفية والعقلائية الرائجة بين الموالي والعبيد، والشائعة في القوانين الدولية والسياسية المدنية بين الدول والرعية والأمة، وليس للإسلام طريق بديع في المقام.