وهذا لا يخص بما إذا كان التعارض بين الإطلاقين، أو العام الشمولي والإطلاق البدلي، بل ملاك الترجيح يجري في مطلق الشمولي والبدلي، وذلك لأن الإطلاق البدلي حجة معلقة، والشمولي حجة منجزة، والثانية مقدمة على الأولى، كما أفاده في بحث التعادل والترجيح (1).
وأما العموم البدلي، كما إذا قال: " لا تكرم أي فاسق " فإنه لا يقام قوله: " أكرم العلماء " لأن دلالته على البدل وعرضية، ودلالته على الشمول وطولية، والطولية تدل على سريان الحكم قبل أن يسري الحكم البدلي إلى ذلك الفرد، وهو الفاسق، فكأن سرايته إلى ذلك الفرد معلقة على عدم تقدم دال آخر على حكم ضد حكمه.
وهذا وإن لم يكن في كلامه (قدس سره) ولكن الذي يظهر جواز توهم تقديم الشمولي على البدلي حتى في الدلالات الوضعية، فتأمل. هذه مقدمة.
ومقدمة أخرى: وهي أن إطلاق الهيئة شمولي، وإطلاق المادة بدلي، ولو كانا متعانقين في الدلالة ومتلازمين في الإفادة، وذلك لأن في قوله: " صل " دالين أحدهما: الهيئة والآخر: المادة، أما الهيئة فمفادها طبيعة الوجوب، لا وجوب ما، أي أن المنشأ هو الوجوب على كل تقدير، سواء كان القيد المشكوك فيه موجودا، أو معدوما، فالوجوب ينشأ بالنسبة إلى التقادير الممكنة عرضا، ولكن المادة ليست مطلوبة بجميع آحادها وأفرادها، فيكون المطلوب فردا ما.
هذا غاية ما يمكن أن يقرب به الإطلاقان الشمولي والبدلي في الكلام الواحد، بالنسبة إلى الهيئة والمادة، فعلى هاتين المقدمتين يتعين فيما نحن فيه، إرجاع القيد إلى المادة، دون الهيئة، فيكون الواجب فيما تردد بين المشروط والمطلق هو المطلق، وفيما تردد بين المنجز والمعلق هو المنجز، فعلى المكلف