ولو كان مفاد القضية الشرطية راجعا إلى عنوان الموضوع، يلزم ذلك، ولا يلتزم به من يدعيه كما في " المستطيع والعاجز " فليتدبر.
وثالثا: إذا كان الحكم قبل الوقت غير فعلي، وبعد الوقت يكون المكلف عاجزا، والعجز يمنع عن حدوث الخطاب، فمن أين يمكن العلم بالمصلحة الملزمة التي لا بد من المحافظة على مقدماتها المفوتة، مع أن طريق استكشاف المصالح والمفاسد هي الهيئات الكاشفة عن الطلبات والزجرات؟!
وبعبارة أخرى: الخطاب الانشائي يورث وجود المصلحة، عند تحقق شرط الوجوب والقدرة، وإن يمكن أن لا يكون بحسب التصور قيد المصلحة، وتكون المادة مطلوبة على الإطلاق. وممنوعية الخطاب لمحذور عقلائي وهو القبح، أو عقلي وهو القبح في حقه تعالى، وأن حقيقة البعث لا تجامع العجز، ولكن ذلك لا يستلزم كون نفس الآمر كذلك، لاحتمال اتكال المقنن على حكم العقل بأن الخطاب بدونه محال، وإذن لا يتمكن من كشف المصلحة للمادة على كل تقدير.
فما ترى في كتب الأصحاب مشحونة في صفحات كثيرة (1)، خالية من التحصيل. وهذا ينفعك في كثير من المقامات، مما كثر دور هذا النحو من الاستدلال في الكتب الأصولية والفقهية، فحكم العقل مع هذا غير ثابت، وغير مرضي.
نعم، بناء على ما تقرر في محله: من أن العاجز والقادر - كالجاهل والعالم - مشتركان في الخطاب بذاتهما، وخارجان عنه بعنوانهما (2)، يصح ما أفيد، لأن القدرة عقلية، ولا يورث العجز في الوقت قصورا في شمول الخطاب. وهذا هو الوجه في استنكار العقلاء دخول الدار مع العلم بالاستكراه فيها على شرب الخمر، فتدبر.