الخطاب الثاني موجودا.
وإن كان ينتزع منه عنوان " العاجز " فقط، فلا يكون أمر الأهم متوجها حينئذ، فلا يتحقق الترتب، إما لأجل عدم تحقق الترتب، أو لأجل عدم تحقق المترتب عليه.
وإن كان ينتزع منه القادر في الزمان الأول، والعاجز في الزمان المتأخر، فلا يتحقق الترتب العقلي الذي هو المقصود هنا.
ولعمري، إن المسألة بعد ذلك مما لا غبار عليها، ولا شبهة تعتريها.
ومن هنا ينقدح: أن تنظيره بالمتساويين ملاكا، بتوهم أن التخيير حكم العقل، من غير كون منشئه اشتراط وجوب كل بعصيان الآخر، إذ لازمه تأخر كل واحد من الأمرين عن الآخر، ولا إلى اشتراط كل أمر بعدم وجود غيره، إذ لازمه أن لا يقتضي كل أمر إيجاد مقتضاه حال وجود الآخر، بل منشؤه أن الطلب في ظرف المزاحمة يقتضي سد جميع أبواب العدم، إلا العدم الطارئ من إتيان ضده (1)، لا يخلو من تأسف من جهات شتى، كما لا يخفى. مع أن هذا ليس من الترتب الاصطلاحي.
وبالجملة: إنه (قدس سره) قد تصدى لتصوير الأمرين الفعليين العرضيين زمانا، من غير كون أحدهما مترتبا على الآخر، لانتفاء الاشتراط الذي هو أساس الترتب عقلا، فلا يكون أمر المهم تنجزه مترتبا على ترك الأهم في ظرفه، سواء كان تركا ينتزع منه العصيان، أو تركا لا ينتزع منه العصيان.
ولكنك عرفت: عدم إمكان اندفاع عويصة المسألة بذلك، فلاحظ وتدبر جيدا، وسيأتي زيادة بيان ينفعك إن شاء الله تعالى (2).
التقريب الخامس: أن الإطاعة والعصيان في الاعتبار، متأخران عن الأمر، ولا يجتمعان معه في الرتبة، ضرورة أن الإطلاق اللحاظي بالنسبة إليهما غير ممكن،