ومعنى " العصيان " هو ترك المأمور به على وجه لا يتمكن المكلف من اللا عصيان، أي ترك المأمور به على وجه يسقط أمره، لعدم إمكان قيامه بما هو المأمور به، وإلا فلا معنى للعصيان.
مثلا: ترك الصلاة في أول الوقت في الموسع، ليس من العصيان، لتمكن العبد من إتيانها وامتثال أمرها، وهذا أمر واضح، ويتضح من ذي قبل أكثر منه إن شاء الله.
وعلى هذا، أول الزوال إذا كان أمر الأهم موجودا، فهو لا يسقط إلا بالعصيان، ومعناه عجز العبد عن الامتثال، فلو كان في أول الزمان أمر المهم موجودا أيضا، فهو بعد لم يعجز عن امتثال الأهم، لأنه بمضي الزمان يصير عاجزا بالحمل الشائع وعاصيا، فكيف يعقل تحقق أمر المهم؟!
وبعبارة أخرى: العصيان المتوسط، سواء كان من الحقائق، أو الاعتباريات، أو الانتزاعيات، إذا كان من الأمور الآنية والبنائية، كان لما أفادوه وجه، وإلا فكيف يمكن أن يتخلل الأمر المحتاج إلى الزمان في التحقق، بين المترتبين بالترتب العقلي؟!
ولا شبهة في أن شرط المهم عصيان الأهم، وبين الشرط والمشروط ليس يتخلل شئ، ولكن ما هو الشرط متخلل بين الأمر بالأهم والأمر بالمهم، فإن أمر المهم مترتب على أمر الأهم بتخلل العصيان، وهو أمر زماني، لأن معناه عجز العبد عن الامتثال عجزا لا يعد عذرا.
فإذن لا يكون في أول الزوال إلا أمر الأهم، فإذا عجز المكلف عن امتثاله بعصيانه، يوجد الأمر الآخر، وهذا لا يكون إلا بمضي زمان الزوال حتى لا يبقى ظرف امتثاله، وبعد ذلك يوجد الأمر بالمهم، وهذا هو الترتب الزماني، لا العقلي المقصود لهم.