التقريب الثالث: ما أفاده سيدنا الأستاذ البروجردي (قدس سره) واعتقد بذلك بداهة الترتب: " وهو أن من البديهي أن الأمرين إذا كانا داعيين نحو المتعلقين في عرض واحد، مع القدرة الواحدة، يستتبعان - عند الدقة العقلية - المحال والمحذور العقلي، بمعنى امتناع تحقق الإرادتين الجديتين الباعثتين من الملتفت، والمتوجه إلى عجز العبد.
ولكن ذلك لا يرجع إلى التكليف الواحد بالجمع بين المتعلقين، حتى يتوهم أن المحذور العقلي: هو رجوعهما إلى إرادة باعثة نحو الجمع بين الضدين، وغير القابلين للجمع، مثل الإزالة والصلاة.
بل كل واحد مع قطع النظر عن الآخر، يدعو نحو متعلقه، فلا يكون طلب كل واحد منهما مستقلا محالا، ولا يتعلق الطلب الواحد بالجمع بينهما، فلا محذور عقلا من هذه الناحية، فلا معنى لتوهم امتناع الترتب من تلك الجهة، وهي طلب الجمع بين الضدين.
فما هو وجه الاستحالة هنا، هو امتناع ترشح الإرادتين من المريد الواحد الملتفت، متوجهتين إلى المتعلقين غير القابلين للجمع، مع كونهما في عرض واحد.
وأما إذا كانا لا في عرض واحد، بأن يكونا طوليين، ويكون أحدهما في رتبة عدم تأثير الآخر، وعدم تحريكه نحو ما تعلق به، فيكون وجود الآخر في هذه الرتبة والظرف بلا مزاحم، إذ المفروض أن هذه الرتبة رتبة عدم تأثير الأول، ورتبة خيبته عما قصد منه، أعني داعويته للمكلف، وانبعاثه بذلك نحو العمل، وفي هذه الرتبة يكون المكلف فارغا وقادرا على امتثال الأمر الثاني.
فالترتب المصطلح عليه من أوضح الواضحات، فإن الأمر بالأهم - وهي الإزالة - وإن كان مطلقا غير مشروط بشئ، ولكن الأمر ليس علة تامة لوجود متعلقه، وإنما هو لإيجاد الداعي في نفس المكلف، وتحريكه نحو المأمور به، حتى