أما عدم حرمتها النفسية، فلأن عدم مقدوريته بلا واسطة، لا يستلزم انتقال التكليف إلى السبب، كما مر مرارا: من كفاية الاقتدار عليه بالواسطة (1).
وأما عدم حرمتها التبعية، فلأن الملازمة الخارجية الوجودية، تنافي كون أحد المتلازمين محكوما بحكم مضاد للحكم الآخر، وأما لزوم محكوميته بحكم المماثل فلا.
وتوهم ترشح الإرادة من باب الملازمة الثابتة في باب مقدمة الواجب، قد فرغنا عنه وعن بطلانها الضروري جدا (2).
فبالجملة: حركة المفتاح لو كانت فرضا معلولة لحركة اليد، فهي إن كانت محرمة، فلا تستلزم محرمية حركة المفتاح وإن كان بينهما العلية، ولا يتوسط بينهما الاختيار، ولا الإرادة، ولا يصدر تلك الحركة من المكلف، لأنها مستندة إلى ما يستند إليه، ولكن مع ذلك كله هو فعل المكلف مع الوسط، كسائر أفعاله، فإن الإحراق فعل النار، وفعل المكلف، ويجوز تحريم إحراق الكتب المحترمة عليه، مع كون الإلقاء غير محكوم بحكم.
نعم، بناء على عدم خلو الوقائع من الأحكام، فلا بد من حكم ثابت للسبب، وهو الحرمة قهرا.
اللهم إلا أن يقال: بأنه الإباحة شرعا، ومعناها عدم الحرمة، وإن كان بحكم العقل واجب الترك، فلا تخلط.
إذا تبين ذلك، يقع البحث في المقدمات الاخر التي يتوسط بينها وبين ذيها الاختيار والإرادة، فهل تكون هي محرمة مطلقا، أم حال الإيصال، كما أفاده