أخرى (1)، فهي مخدوشة، وذلك لأن الوجوب الثابت بالإجماع والعقل، إن كان هو المعنى الثبوتي - وهو الشوق النفساني - فهو ليس من الوجوب الاعتباري الذي هو المستلزم أحيانا للنهي.
وإن كان ذلك الوجوب هو الوجوب الانشائي القانوني المجعول على الكل، فهو لا بد وأن يكون في قالب لفظي أو غير لفظي يشبه اللفظي.
فبالجملة: يتقوم الوجوب بالإنشاء والإبراز، وأما لزوم تبعية المولى في ملاكات أحكامه أحيانا، فهو أجنبي عن هذه المسألة عنوانا، لما أنه ليس من الوجوب رأسا.
نعم، المرام اللازم استيفاؤه، كالأمر في الاقتضاء واللا اقتضاء، كما يأتي إن شاء الله تعالى (2).
ثم إنه لا بد من جامع بين الوجوب والندب في تحرير البحث، وذلك الجامع هو الأمر. وأما الوجوب والندب الثابتان بالعقل والإجماع، فلا جامع لهما، وتصير النتيجة حينئذ أخص، كما لا يخفى.
هذا مع أن حرمة الضد المقصود إثباتها ثمرة لهذه المسألة، لا تترتب على الوجوب المتعلق بالشئ عند جمع (3)، لإمكان أن يتوهم أن الحرمة تستظهر من النهي الناشئ من الأمر، فلو قال المولى: " تجب الإزالة من المسجد " فلا يستفاد منه إلا عدم وجوب ضدها، وأما حرمة ضدها فهي تتوقف على النهي، والنهي لا يكون إلا باعتبار الأمر.
فتحصل منا إلى هنا: أن ما تعارف في عصرنا من توهم أن المسألة إما عقلية