بحيث يستند إليها في الوجود من غير مداخلة النفس، لما عرفت أن الملازمة المدعاة، أعم من الملازمة في حقه تعالى، أو في حق سائر الموالي، ولا شبهة في أن كثيرا من الموالي، غافلين عن تلك الإرادة، فلو كانت بينهما العلية فلا يعقل ذلك، بل لا بد من دعوى تحققها في النفس دائما مع عدم الالتفات إليها، وهو خلاف الوجدان بالضرورة.
فبالجملة: عدم العلية بين الإرادتين، مما لا يكاد يخفى، فأين الملازمة؟!
وعند ذلك فلنا أن نقول: إنه وإن كان الأمر كذلك، ولكن المولى مجبور في تلك الإرادة بالاختيار، بمعنى أنه مختار في إرادة ذي المقدمة والبعث إليه، ولكنه إذا حصلت في نفسه تلك الإرادة، يمتنع عليه أن لا يريد:
أما في المولى الحقيقي فواضح، لالتفاته إلى التوقف.
وأما في غيره، فيريده عند الالتفات، أو تكون الإرادة مرتكزة في نفسه، ولكنه غير ملتفت إليها، فتلك الإرادة معلولة النفس مثلا، والإرادة الأولى أو البعث الأول من المبادئ الوجودية لها، كما لا يخفى.
أقول: الأشياء على ثلاثة:
أحدها: ما تكون ذات مقام ثبوتي وإثباتي، كالصفات الحسنة والرذيلة. مثلا السخاوة والشجاعة الثبوتية، ما هي من الكيفيات النفسانية القارة في النفس، وهما في مرحلة الإثبات، ما يكون ظاهرا بآثارهما من الأفعال السخية والبطولية، وهكذا غيرهما.
ثانيها: ما تكون ذات مقام إثباتي، ولا ثبوت لها، كالحكم، والبيع، وأمثالهما، فإنه بماهيته مرهون الإثبات ومقام الإظهار والإبراز، ولا يكون في عالم الثبوت بيع، ولا حكم وإن كان قد يتخيل (1)، ومن هذا القبيل الإرادة.