ولكنه استنبط هنا ما لا يكون موافقا للتحقيق، وهو قوله: " إن من ذلك يعلم وجود تلك الأوامر في مطلق الواجبات، لوجود الملاك " (1) وهذا واضح المنع والفساد، وسيظهر وجه ذلك تفصيلا في الآتي إن شاء الله تعالى (2).
وإجماله: أنه لا ينبغي الخلط بين الشوق والعلقة بالمقدمة، وبين الوجوب والإرادة التشريعية، وما هو الثابت الساري هو الأول، دون الثاني، ويتضح أن حديث ترشح الإرادة الثانية من الأولى، فتكون هي دائمة الوجود، مما لا أصل له.
ومنها: ما عن الشيخ الأعظم الأنصاري (قدس سره) (3) قال في " الدرر ": " وهذا هو أسدها وأمتنها " (4): " وهو دعوى شهادة الوجدان على ذلك، ولا نقول: إن الوجدان شاهد على فعلية الإرادة الغيرية عند الإرادة النفسية حتى يقال بغفلة الآمر كثيرا عن المقدمات، بل المقصود هو أنه لو توجه لأمر بذلك ".
وفيه أولا: أن هذا يرجع إلى إنكار الملازمة العقلية بين الإرادتين، وإلا يلزم دعوى فعلية وجودها، مع دعوى أنها ارتكازية، لا تفصيلية، كما أشير إليه آنفا.
وثانيا: بناء على دعوى الملازمة العقلائية، فمجرد الإرادة التقديرية غير كاف للوجوب الشرعي.
وأما في مثل إنقاذ الابن عندما كان المولى نائما، فهو ليس لأجل الإرادة التقديرية، بل لأجل الملاك القطعي الفعلي، ويصح العقوبة عند العقلاء على تركه، من