فصعد المنبر، فحمد الله وأثني عليه، ثم قال: ما بال أقوام يحرمون علي أنفسهم الطيبات ألا إني أنام باليل وأنكح وأفطر بالنهار، فمن رغب عن سنتي فليس مني فقام هؤلاء فقالوا: يا رسول الله لقد حلفنا على ذلك فأنزل الله (1): لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم... إلى آخر الآية ".
فانظر إلى هذه الأخبار وصراحتها في دفع ما توهمه ذلك القائل من الاستدلال بالآية المذكورة وضعف مارد به الجواب المتقدم (2)، فإنه لو كان ما ذكره (رحمه الله) حقا من استحباب ذلك في شرعنا كما كان في تلك الشريعة السابقة لما صدر عنه صلى الله عليه وآله هذه الانكارات العديدة في هذه الأخبار، والنسبة إلى مخالفة سنته، وإن ذلك من الرجال والنساء، إنما هو من الرهبانية التي كانت سنة في الأمم السابقة ونسخت بسنته.
وأما باقي تعليلاته العليلة فهي في مقابلة ما ذكرنا من الأخبار أظهر في الضعف من أن يقابل بالإنكار.
ونزيده إيضاحا، فنقول: إنه إذا ثبت من الشارع الحث على هذا الفعل والترغيب فيه، وبيان ما فيه من الأجر والثواب والمنافع الدينية والدنيوية، فهو من جملة المطالب الدينية المأمور بها، بل هو من أفضلها وأشرفها لما عرفت من زجره