ضلعه، ما لهؤلاء! حكم الله بيننا وبينهم، ثم قال عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى لما خلق آدم عليه السلام من طين وأمر الملائكة فسجدوا له ألقي عليه السبات، ثم ابتدع له حوا فجعلها في موضع النقرة التي بين وركيه، وذلك لكي تكون المرأة تبعا للرجل، فأقبلت تتحرك فانتبه لتحركها، فلما انتبه نوديت أن تنحي عنه، فلما نظر إليها نظر إلى خلق حسن، يشبه صورته، غير أنها أنثى، فكلمها فكلمته بلغته، فقال لها: من أنت؟ قالت: خلق خلقني الله كما ترى، فقال آدم عليه السلام عند ذلك: يا رب ما هذا الخلق الحسن الذي قد آنسني قربه، والنظر إليه؟ فقال الله تبارك وتعالي: يا آدم هذه أمتي حوا أفتحب أن تكون معك تؤنسك وتحدثك وتكون تبعا لأمرك؟ فقال: نعم يا رب، ولك علي بذلك الحمد والشكر ما بقيت، فقال له عز وجل: فاخطبها إلي فإنها أمتي، وقد تصلح لك أيضا زوجة للشهوة، وألقى الله عز وجل عليه الشهوة، وقد علمه قبل ذلك المعرفة بكل شئ فقال:
يا رب فإني أخطبها إليك فما رضاك لذلك؟ فقال عز وجل: رضاي أن تعلمها معالم ديني، فقال: ذلك لك يا رب علي إن شئت ذلك لي، فقال عز وجل: وقد شئت ذلك، وقد زوجتكها فضمها إليك، فقال لها آدم عليه السلام: إلى فاقبلي فقالت له: بل أنت فأقبل إلي فأمر الله عز وجل آدم أن يقوم إليها، ولولا ذلك لكان النساء هن يذهبن إلى الرجال حتى يخطبن علي أنفسهن فهذه قصة حوا صلوات الله عليها ".
ثم قال في الفقيه بعد نقل الخبر المذكور وأما قول الله عز وجل (1) " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء " فإنه روي " أنه عز وجل خلق من طينتها زوجها، وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ".