نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة فيه دليل لمن قال بجواز صلاة الجمعة قبل الزوال، وإلى ذلك ذهب أحمد بن حنبل، واختلف أصحابه في الوقت الذي تصبح فيه قبل الزوال هل هو الساعة السادسة، أو الخامسة، أو وقت دخول وقت صلاة العيد؟ ووجه الاستدلال به أن الغداء والقيلولة محلهما قبل الزوال. وحكوا عن ابن قتيبة أنه قال: لا يسمى غداء ولا قائلة بعد الزوال. وأيضا قد ثبت: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يخطب خطبتين ويجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس كما في مسلم من حديث أم هشام بنت حارثة أخت عمرة بنت عبد الرحمن أنها قالت: ما حفظت * (ق والقرآن المجيد) * (ق: 1) إلا من فئ رسول الله (ص) وهو يقرأها على المنبر كل جمعة. وعند ابن ماجة من حديث أبي بن كعب: أن النبي (ص) قرأ يوم الجمعة * (تبارك) * (الفرقان: 1) وهو قائم يذكر بأيام الله، وكان يصلي الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين. كما ثبت ذلك عند مسلم من حديث علي وأبي هريرة وابن عباس، ولو كانت خطبته وصلاته بعد الزوال لما انصرف منها إلا وقد صار للحيطان ظل يستظل به، وقد خرج وقت الغداء والقائلة، وأصرح من هذا حديث جابر المذكور في الباب فإنه صرح بأن النبي (ص) كان يصلي الجمعة ثم يذهبون إلى جمالهم فيريحونها عند الزوال، ولا ملجئ إلى التأويلات المتعسفة التي ارتكبها الجمهور، واستدلالهم بالأحاديث القاضية بأنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى الجمعة بعد الزوال لا ينفي الجواز قبله. وقد أغرب ابن العربي فنقل الاجماع، على أنها لا تجب حتى تزول الشمس إلا ما نقل عن أحمد وهو مردود، فإنه قد نقل ابن قدامة وغيره عن جماعة من السلف مثل قول أحمد. وأخرج ابن أبي شيبة من طريق عبد الله بن سلمة أنه قال: صلى بنا عبد الله بن مسعود الجمعة ضحى وقال: خشيت عليكم الحر. وأخرج من طريق سعيد بن سويد قال: صلى بنا معاوية الجمعة ضحى. وكذلك روي عن جابر وسعيد بن زيد كما في رواية أحمد الذي ذكرها المصنف، وروى مثل ذلك ابن أبي شيبة في المصنف عن سعد بن أبي وقاص. قوله: وعن عبد الله بن سيدان السلمي أخرج هذا الأثر أيضا أبو نعيم شيخ البخاري في كتاب الصلاة وابن أبي شيبة. قال الحافظ: ورجاله ثقات إلا عبد الله بن سيدان فإنه تابعي كبير، إلا أنه غير معرو ف العدالة. قال ابن عدي: يشبه المجهول.
وقال البخاري: لا يتابع على حديثه، وقد عارضه ما هو أقوى منه، روى ابن أبي شيبة من طريق سويد بن غفلة أنه صلى مع أبي بكر وعمر حين تزول الشمس وإسناده قوي.