وفي رواية التأذين الثاني أمر به عثمان، ولا منافاة لأنه سمي ثالثا باعتبار كونه مزيدا، وأولا باعتبار كون فعله مقدما على الأذان والإقامة، وثانيا باعتبار الاذان الحقيقي لا الإقامة.
قوله: على الزوراء بفتح الزاي وسكون الواو بعدها راء ممدودة. قال البخاري: هي موضع بسوق المدينة، قال الحافظ: وهو المعتمد. وقال ابن بطال: هو حجر كبير عند باب المسجد، ورد بما عند ابن خزيمة وابن ماجة عن الزهري أنها دار بالسوق يقال لها الزوراء. وعند الطبراني:
فأمر بالنداء الأول على دار يقال لها الزوراء فكان يؤذن عليها، فإذا جلس على المنبر أذن مؤذنه الأول فإذا نزل أقام الصلاة. قال في الفتح: والذي يظهر أن الناس أخذوا بفعل عثمان في جميع البلاد إذ ذاك، لكونه كان خليفة مطاع الامر، لكن ذكر الفاكهاني أن أول من أحدث الاذان الأول بمكة الحجاج وبالبصرة زياد قال الحافظ وبلغني أن أهل الغرب الأدنى الآن لا تأذين عندهم سوى مرة. وروى ابن أبي شيبة من طريق ابن عمر قال: الاذان الأول يوم الجمعة بدعة، فيحتمل أن يكون قال ذلك على سبيل الانكار، ويحتمل أن يريد أنه لم يكن في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكل ما لم يكن في زمنه يسمى بدعة، وتبين بما مضى أن عثمان أحدثه لاعلام الناس بدخول وقت الصلاة قياسا على بقية الصلوات، وألحق الجمعة بها وأبقى خصوصيتها بالاذان بين يدي الخطيب. وأما ما أحدث الناس قبل الجمعة من الدعاء إليها بالذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهو في بعض البلاد دون بعض، واتباع السلف الصالح أولى، كذا في الفتح. وقد روي عن معاذ أن عمر هو الذي أحدث ذلك وإسناده منقطع، ومعاذ أيضا خرج من المدينة إلى الشام في أول غزو الشام، واستمر في الشام إلى أن مات في طاعون عمواس. قوله: غير مؤذن واحد فيه أنه قد اشتهر أنه كان للنبي صلى الله عليه وآله وسلم جماعة من المؤذنين منهم بلال، وابن أم مكتوم، وسعد القرظ، وأبو محذورة، وأجيب بأنه أراد في الجمعة وفي مسجد المدينة، ولم ينقل أن ابن أم مكتوم كان يؤذن يوم الجمعة، بل الذي ورد عنه التأذين يوم الجمعة بلال، وأبو محذورة جعله صلى الله عليه وآله وسلم مؤذنا بمكة، وسعد جعله بقباء. قوله: استقبله أصحابه بوجوههم فيه مشروعية استقبال الناس للخطيب حال الخطبة، وأحاديث الباب