فيتمكن بذلك من التعبير باللفظ المختصر على المعاني الكثيرة. قوله: فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة قال النووي: الهمزة في اقصر همزة وصل. وظاهر الامر بإطالة الصلاة في هذا الحديث المخالفة لقوله في حديث جابر بن سمرة: كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قصدا وخطبته قصدا. وقال النووي: لا مخالفة لأن المراد بالامر بإطالة الصلاة بالنسبة إلى الخطبة لا التطويل الذي يشق على المؤتمين، قال العراقي:
أو حيث احتيج إلى التطويل لادراك بعض من تخلف، قال: وعلى تقدير تعذر الجمع بين الحديثين يكون الاخذ في حقنا بقوله لأنه أدل، لا بفعله لاحتمال التخصيص انتهى، وقد ذكرنا غير مرة أن فعله صلى الله عليه وآله وسلم لا يعارض القول الخاص بالأمة مع عدم وجدان دليل يدل على التأسي في ذلك الفعل بخصوصه وهذا منه. قوله: قصدا القصد في الشئ هو الاقتصاد فيه وترك التطويل. وإنما كانت صلاته صلى الله عليه وآله وسلم وخطبته كذلك لئلا يمل الناس. وأحاديث الباب فيها مشروعية إقصار الخطبة ولا خلاف في ذلك. واختلف في أقل ما يجزئ على أقوال مبسوطة في كتب الفقه.
وعن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوت، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم رواه مسلم وابن ماجة.
الحديث تمامه في صحيح مسلم: ويقول أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة. قوله: إذا خطب احمرت عيناه فيه أنه يستحب للخطيب أن يفخم أمر الخطبة، ويرفع صوته، ويجزل كلامه، ويظهر غاية الغضب والفزع، لأن تلك الأوصاف إنما تكون عند اشتدادهما. قوله: يقول أي منذر الجيش.
قوله: صبحكم فاعله ضمير يعود إلى العدو المنذر