كلام من ظن التمام، وقد تقدم الكلام على ذلك في باب تحريم الكلام أيضا، وفيه أيضا دليل على أن الأفعال الكثيرة التي ليست من جنس الصلاة إذا وقعت سهوا أو مع ظن التمام لا تفسد الصلاة، وقد تقدم البحث في ذلك. قوله: ثم سلم ثم كبر وسجد فيه دليل لمن قال: إن سجود السهو بعد السلام، وقد اختلف أهل العلم في ذلك على ثمانية أقوال، كما ذكر ذلك العراقي في شرح الترمذي. الأول: أن سجود السهو كله محله بعد السلام، وقد ذهب إلى ذلك جماعة من الصحابة وهم: علي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص، وعمار بن ياسر، وعبد الله بن مسعود، وعمران بن حصين، وأنس بن مالك، والمغيرة بن شعبة، وأبو هريرة. وروى الترمذي عنه خلاف ذلك كما سيأتي. وروى أيضا عن ابن عباس، ومعاوية، وعبد الله بن الزبير على خلاف في ذلك عنهم. ومن التابعين: أبو سلمة بن عبد الرحمن، والحسن البصري، والنخعي، وعمر بن عبد العزيز، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، والسائب القاري. وروى الترمذي عنه خلاف ذلك وهو قول الثوري وأبي حنيفة وأصحابه. وحكى عن الشافعي قولا له. ورواه الترمذي عن أهل الكوفة، وذهب إليه من أهل البيت: الهادي، والقاسم، وزيد ابن علي، والمؤيد بالله، واستدلوا بحديث الباب وبسائر الأحاديث التي ذكر فيها السجود بعد السلام. القول الثاني: إن سجود السهو كله قبل السلام، وقد ذهب إلى ذلك من الصحابة أبو سعيد الخدري، وروى أيضا عن ابن عباس، ومعاوية، وعبد الله بن الزبير على خلاف في ذلك، وبه قال الزهري، ومكحول، وابن أبي ذئب، والأوزاعي، والليث بن سعد، والشافعي في الجديد وأصحابه، ورواه الترمذي عن أكثر فقهاء المدينة وعن أبي هريرة. (واستدلوا) على ذلك بالأحاديث التي ذكر فيها السجود قبل السلام وسيأتي بعضها. القول الثالث: التفرقة بين الزيادة والنقص، فيسجد للزيادة بعد السلام وللنقص قبله، وإلى ذلك ذهب مالك وأصحابه، والمزني وأبو ثور، وهو قول للشافعي، وإليه ذهب الصادق والناصر من أهل البيت. قال ابن عبد البر:
وبه يصح استعمال الخبرين جميعا، قال: واستعمال الاخبار على وجهها أولى من ادعاء النسخ، ومن جهة النظر الفرق بين الزيادة والنقصان بين في ذلك، لأن السجود في النقصان إصلاح وجبر، ومحال أن يكون الاصلاح والجبر بعد الخروج من الصلاة، وأما السجود في الزيادة فإنما هو ترغيم للشيطان، وذلك ينبغي أيكون بعد الفراغ. قال ابن العربي: ما لك أسعد قيلا وأهدى سبيلا، انتهى. ويدل على هذه التفرقة ما رواه الطبراني من حديث