وقد بين ذلك البخاري في رواية له عن سفيان عن أبي حازم ولفظه: كبر فقرأ وركع ثم رفع رأسه ثم رجع القهقرى والقهقرى بالقصر المشي إلى خلف، والحامل عليه المحافظة على استقبال القبلة. (وفي الحديث) دليل على جواز العمل في الصلاة وقد تقدم تحقيقه. قوله:
ولتعلموا صلاتي بكسر اللام وفتح المثناة الفوقية وتشديد اللام وفيه أن الحكمة في صلاته في أعلى المنبر أن يراه من قد يخفى عليه ذلك إذا صلى على الأرض. قوله:
أنه كان يجمع الخ. فيه جواز كون المؤتم في مكان في خارج المسجد، قال في البحر: ويصح كون المؤتم في داره والامام في المسجد إن كان يرى الامام أو المعلم ولم يتعد القامة انتهى.
باب ما جاء في الحائل بين الإمام والمأموم عن عائشة قالت: كان لنا حصيرة نبسطها بالنهار ونحتجر بها بالليل، فصلى فيها رسول الله (ص) ذات ليلة فسمع المسلمون قراءته فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الثانية كثروا فاطلع عليهم فقال: أكلفوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا رواه أحمد.
الحديث قد تقدم نحوه عن عائشة عند البخاري في باب انتقال المنفرد إماما في النوافل. وفيه تصريح بأنه كان بينه وبينهم جدار الحجرة، وقد تقدم نحو الحديث أيضا عنها في باب صلاة التراويح وفيه أنها قالت: فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنصب له حصيرا على باب حجرتي. وقوله: أكلفوا من الأعمال إلى آخر الحديث هو عند الأئمة الستة من حديثها بلفظ: خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا والملال الاستثقال من الشئ ونفور النفس عنه بعد محبته وهو محال على الله تعالى، فإطلاقه عليه من باب المشاكلة نحو: * (وجزاء سيئة سيئة مثلها) * (سورة الشورى: 40) وهذا أحسن محامله. وفي بعض طرقه عن عائشة: فإن الله لا يمل من التواب حتى تملوا من العمل أخرجه ابن جرير في تفسيره. وقيل معناه: إن الله لا يمل أبدا مللتم أم لم تملوا، مثل قولهم: حتى يشيب الغراب. وقيل: إن معناه أن الله لا يقطع عنكم فضله حتى تملوا سؤاله. (والحديث) يدل على أن الحائل بين الامام والمؤتمين غير مانع من صحة