مكث الناس في المسجد للتبكير إلى الجمعة ولسماع الخطبة، وإن المراد انتظار الصلاة في المسجد في الجمعة وغيرها، كما في رواية أبي هريرة لحديث الباب بلفظ: إذا نعس أحدكم وهو في المسجد فليتحول عن مجلسه ذلك إلى غيره فيكون ذكر يوم الجمعة من التنصيص على بعض أفراد العام، ويحتمل أن المراد يوم الجمعة فقط للاعتناء بسماع الخطبة فيه. (والحكمة) في الامر بالتحول أن الحركة تذهب النعاس، ويحتمل أن الحكمة فيه انتقاله من المكان الذي أصابته فيه الغفلة بنومه، وإن كان النائم لا حرج عليه، فقد أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قصة نومهم عن صلاة الصبح في الوادي بالانتقال منه كما تقدم، وأيضا من جلس ينتظر الصلاة فهو في صلاة، والنعاس في الصلاة من الشيطان، فربما كان الامر بالتحول لاذهاب ما هو منسوب إلى الشيطان من حيث غفلة الجالس في المسجد عن الذكر، أو سماع الخطبة، أو ما فيه منفعة.
وعن معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الحبوة يوم الجمعة والامام يخطب رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: هذا حديث حسن. وعن يعلى بن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: شهدت مع معاوية فتح بيت المقدس فجمع بنا فإذا جل من في المسجد أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرأيتهم محتبين والامام يخطب رواه أبو داود.
حديث معاذ بن أنس هو من رواية ابنه سهل بن معاذ، وقد ضعفه يحيى بن معين، وتكلم فيه غير واحد، وفي إسناده أيضا أبو مرحوم عبد الرحيم بن ميمون مولى بني ليث ضعفه ابن معين، وقال أبو حاتم الرازي: لا يحتج به. (وفي الباب) عن عبد الله بن عمرو عند ابن ماجة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الاحتباء يوم الجمعة يعني والامام يخطب وفي إسناده بقية بن الوليد وهو مدلس، وقد رواه بالعنعنة عن شيخه عبد الله بن واقد، قال العراقي: لعله من شيوخه المجهولين، وعن جابر عند ابن عدي في الكامل: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الحبوة يوم الجمعة والامام يخطب وفي إسناده عبد الله بن ميمون القداح وهو ذاهب الحديث كما قال البخاري. والأثر الذي رواه يعلى بن شداد عن الصحابة سكت عنه أبو داود والمنذري، وفي إسناده سليمان بن عبد الله بن الزبرقان وفيه لين، وقد وثقه ابن حبان، قال أبو داود: وكان ابن عمر يحتبي والامام يخطب، وأنس بن مالك وشريح وصعصعة