المتبوع. وظاهر الحديث يدل على الوجوب على الفور. قوله: فليتحر الصواب فيه دليل لمن قال بالعمل على غالب الظن، وتقديمه على البناء على الأقل، وقد قدمنا الجواب عليه من جهة القائلين بوجوب البناء على الأقل. قوله: فليتم عليه بضم التحتانية وكسر الفوقانية.
قوله: ثم ليسجد سجدتين فيه دليل لمن قال: إن السجود قبل التسليم وقد مر تحقيقه، وفيه أيضا أن مجرد النظر والتفكير من أسباب السجود، لأنه قد لحق الصلاة بسبب الوسوسة نقص، وقد تقدم الكلام على ذلك.
وعن أبي هريرة: أن النبي (ص) قال: إن الشيطان يدخل بين ابن آدم وبين نفسه فلا يدري كم صلى، فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين قبل أن يسلم رواه أبو داود وابن ماجة. وهو لبقية الجماعة إلا قوله: قبل أن يسلم.
وعن عبد الله بن جعفر: أن النبي (ص) قال: من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعدما يسلم رواه أحمد وأبو داود والنسائي.
حديث عبد الله بن جعفر في إسناده مصعب بن شيبة، قال النسائي: منكر الحديث، وعنه ليس بمعروف، وقد وثقه ابن معين، واحتج به مسلم في صحيحه. وقال أحمد بن حنبل: أنه روى أحاديث مناكير، وقال أبو حاتم الرازي: لا يحمدونه وليس بالقوي، وقال الدارقطني:
ليس بالقوي ولا بالحافظ. قوله: إن الشيطان يدخل بين ابن آدم وبين نفسه في لفظ للبخاري وأبي داود: إن أحدكم إذا قام يصلي جاء الشيطان فلبس عليه. وفي لفظ للبخاري أيضا: أقبل يعني الشيطان حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول: أذكر كذا، أذكر كذا، أذكر كذا، لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل أن يدري كم صلى. قوله: فليسجد سجدتين قبل أن يسلم. فيه دليل لمن قال: سجود السهو قبل التسليم، وقد تقدم الكلام على ذلك. قوله: بعدما يسلم احتج به القائلون بأن سجود السهو بعد السلام، وقد تقدم ذكرهم. والأحاديث الصحيحة الواردة في سجود السهو لأجل الشك، كحديث عبد الرحمن بن عوف، وأبي سعيد، وأبي هريرة وغيرها قاضية بأن سجود السهو لهذا السبب يكون قبل السلام، وحديث عبد الله بن جعفر لا ينتهض لمعارضتها، لا سيما مع ما فيه من المقال الذي تقدم ذكره، ولكنه يؤيده حديث ابن مسعود المذكور قريبا، فيكون الكل جائزا، وقد استدل بظاهر هذين الحديثين من قال: إن المصلي إذا شك فلم يدر زاد أو نقص فليس عليه إلا سجدتان عملا بظاهر الحديثين المذكورين. وإلى ذلك ذهب الحسن البصري