البحث مستوفى في باب الأوقات المنهي عن الصلاة فيها. وأما المداومة على ذلك فمختصة به صلى الله عليه وآله وسلم كما تقدم، واعلم أنها قد اختلفت الأحاديث في النافلة المقضية بعد العصر، هل هي الركعتان بعد الظهر المتعلقتان به؟ أو هي سنة العصر المفعولة قبله؟ ففي حديث أم سلمة المتقدم في الباب الأول، وكذلك حديث ابن عباس المتقدم التصريح بأنهما ركعتا الظهر، وفي أحاديث الباب أنهما ركعتا العصر. ويمكن الجمع بين الروايات بأن يكون مراد من قال بعد الظهر ومقال قبل العصر الوقت الذي بين الظهر والعصر، فيصح أن يكون مراد الجميع سنة الظهر المفعولة بعده، أو سنة العصر المفعولة قبله. وأما الجمع بتعدد الواقعة وأنه صلى الله عليه وآله وسلم شغل تارة عن أحدهما وتارة عن الأخرى فبعيد، لأن الأحاديث مصرحة بأنه داوم عليهما، وذلك يستلزم أنه كان يصلي بعد العصر أربع ركعات ولم ينقل ذلك أحد.
باب أن الوتر سنة مؤكدة وأنه جائز على الراحلة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من لم يوتر فليس منا رواه أحمد. وعن علي رضي الله عنه قال: الوتر ليس بحتم كهيئة المكتوبة ولكنه سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رواه أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجة. ولفظه: أن الوتر ليس بحتم ولا كصلاتكم المكتوبة ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوتر فقال: يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر. وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوتر على بعيره رواه الجماعة.
وعن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الوتر حق فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل رواه الخمسة إلا الترمذي. وفي لفظ لأبي داود: الوتر حق على كل مسلم ورواه ابن المنذر وقال فيه: الوتر حق وليس بواجب.
أما حديث أبي هريرة فأخرجه أيضا ابن أبي شيبة وفي إسناده الخليل بن مرة، قال فيه أبو زرعة: شيخ صالح، وضعفه أبو حاتم والبخاري. وأما حديث علي فحسنه الترمذي وصححه الحاكم. وأما حديث ابن عمر فأخرجه الجماعة كما ذكر المصنف. وأما حديث