ولو يعلمون ما فيهما أي من مزيد الفضل. قوله: لأتوهما أي لأتوا المحل الذي يصليان فيه جماعة وهو المسجد. قوله: ولو حبوا أي زحفا إذا منعهم مانع من المشي كما يزحف الصغير، ولابن أبي شيبة من حديث أبي الدرداء: ولو حبوا على المرافق والركب. قوله: ولقد هممت اللام جواب القسم. وفي البخاري وغيره: والذي نفسي بيده لقد هممت والهم العزم، وقيل:
دونه. قوله: فأحرق بالتشديد، يقال: حرقه إذا بالغ في تحريقه، وفيه جواز العقوبة بإتلاف المال. (والحديث) استدل به القائلون بوجوب صلاة الجماعة، لأنها لو كانت سنة لم يهدد تاركها بالتحريق، ولو كانت فرض كفاية لكانت قائمة بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومن معه. ويمكن أن يقال: إن التهديد بالتحريق المذكور يقع في حق تاركي فرض الكفاية لمشروعية قتال تاركي فرض الكفاية. قال الحافظ: وفيه نظر، لأن التحريق الذي يفضي إلى القتل أخص من المقاتلة، ولان المقاتلة إنما يشرع فيها إذا تمالا الجميع على الترك وقد اختلفت أقوال العلماء في صلاة الجماعة، فذهب عطاء والأوزاعي وإسحاق وأحمد وأبو ثور وابن خزيمة وابن المنذر وابن حبان وأهل الظاهر وجماعة، ومن أهل البيت: أبو العباس إلى أنها فرض عين، واختلفوا فبعضهم قال: هي شرط روي ذلك عن داود ومن تبعه، وروي مثل ذلك عن أحمد وقال الباقون: إنها فرض عين غير شرط.
وذهب الشافعي في أحد قوليه، قال الحافظ: هو ظاهر نصه، وعليه جمهور المتقدمين من أصحابه، وبه قال كثير من المالكية والحنفية إلى أنها فرض كفاية، وذهب الباقون إلى أنها سنة، وهو قول زيد بن علي والهادي والقاسم والناصر والمؤيد بالله وأبو طالب، وإليه ذهب مالك وأبو حنيفة وأجابوا عن حديث الباب بأجوبة: الأول أنها لو كانت شرطا أو فرضا لبين ذلك عند التوعد، كذا قال ابن بطال، ورد بأنه صلى الله عليه وآله وسلم قد دل على وجوب الحضور وهو كاف في البيان. والثاني: أن الحديث يدل على خلاف المدعي وهو عدم الوجوب، لكونه صلى الله عليه وآله وسلم هم بالتوجه إلى المتخلفين، ولو كانت الجماعة فرضا لما تركها، وفيه أن تركه لها حال التحريق لا يستلزم