بالتسليم واستئنافها فرادى والتجوز فيها، لأن جميع الصلاة توصف بالتجوز، كما توصف به بقيتها، ويؤيد ذلك ما رواه النسائي بلفظ: فانصرف الرجل فصلى في ناحية المسجد وفي رواية لمسلم فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده وغاية الامر أن يكون ما في حديثي الباب محتملا، وما في الصحيحين وغيرهما مبينا لذلك.
باب انتقال المنفرد إماما في النوافل عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي في رمضان فجئت فقمت خلفه وقام رجل فقام إلى جنبي، ثم جاء آخر حتى كنا رهطا، فلما أحس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أننا خلفه تجوز في صلاته ثم قام فدخل منزله فصلى صلاة لم يصلها عندنا، فلما أصبحنا قلنا: يا رسول الله أفطنت بنا الليلة؟ قال: نعم، فذلك الذي حملني على ما صنعت رواه أحمد ومسلم. وعن بسر بن سعيد عن زيد بن ثابت: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اتخذ حجرة قال: حسبت أنه قال من حصير في رمضان فصلى فيها ليالي فصلى بصلاته ناس من أصحابه، فلما علم بهم جعل يقعد فخرج إليهم فقال: قد عرفت الذي رأيت من صنيعكم فصلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة رواه البخاري. وعن عائشة: أن رسول الله (ص) كان يصلي في حجرته وجدار الحجرة قصير، فرأى الناس شخص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقام ناس يصلون بصلاته فأصبحوا فتحدثوا، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي الليلة الثانية فقام ناس يصلون بصلاته رواه البخاري.
قوله: فقمت خلفه فيه جواز قيام الرجل الواحد خلف الامام، وسيأتي في أبواب موقف الإمام والمأموم ما يدل على خلاف ذلك. قوله: كنا رهطا قال في القاموس:
الرهط قوم الرجل وقبيلته من ثلاثة أو سبعة إلى عشرة أو ما دون العشرة وما فيهم امرأة ولا واحد له من لفظه الجمع أرهط وأرهاط وأراهيط. قوله: فلما أحس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أننا خلفه تجوز في صلاته لعله فعل ذلك مخافة أن يكتب عليهم كما في سائر الأحاديث، وليس في تجوزه صلى الله عليه وآله وسلم ودخوله منزله ما يدل على عدم جواز ما فعلوه، لأنه لو كان غير جائز لما قررهم على ذلك بعد علمه به