المهدي في البحر عن القاسم وابنه محمد بن القاسم، والمرتضى، ومحمد بن الحسن أنه يجوز الكلام الخفيف حال الخطبة، واستدلوا على ذلك بتقرير النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمن سأله عن الساعة ولمن سأله في الاستسقاء، ورد بأن الدليل أخص من الدعوى، وغاية ما فيه أن يكون عموم الامر بالانصات مخصصا بالسؤال. ونقل صاحب المغني الاتفاق على أن الكلام الذي يجوز في الصلاة يجوز في الخطبة، كتحذير الضرير من البئر ونحوه. وخصص بعضهم رد السلام وهو أعم من أحاديث الباب من وجه وأخص من وجه، فتخصيص أحدهما بالآخر فحكم ومثله تشميت العاطس. وقد حكى الترمذي عن أحمد وإسحاق الترخيص في رد السلام وتشميت العاطس. وحكي عن الشافعي خلاف ذلك. وحكى ابن العربي عن الشافعي موافقة أحمد وإسحاق. قال العراقي:
وهو أولى مما نقله عنه الترمذي. وقد صرح الشافعي في مختصر البويطي بالجواز فقال: ولو عطس رجل يوم الجمعة فشمته رجل رجوت أن يسعه لأن التشميت سنة، ولو سلم رجل على رجل كرهت ذلك له ورأيت أن يرد عليه، لأن السلام سنة، ورده فرض هذا لفظ.
وقال النووي في شرح المهذب: إنه الأصح. قال في الفتح: وقد استثنى من الانصات في الخطبة ما إذا انتهى الخطيب إلى كلام لم يشرع في الخطبة مثل الدعاء للسلطان مثلا، بل جزم صاحب التهذيب بأن الدعاء للسلطان مكروه. وقال النووي: محله إذا جاوز وإلا فالدعاء لولاة الامر مطلوب. قال الحافظ: ومحل الترك إذا لم يخف الضرر وإلا فيباح للخطيب إذا خشي على نفسه. قوله: إلا ما لغيت بفتح اللام وبكسر الغين المعجمة لغة في لغوت.
وعن بريدة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخطبنا، فجاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه ثم قال: صدق الله ورسوله، إنما أموالكم وأولادكم فتنة، نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما رواه الخمس. وعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينزل من المنبر يوم الجمعة فيكلمه الرجل في الحاجة ويكلمه ثم يتقدم إلى مصلاه فيصلي رواه الخمسة. وعن ثعلبة بن أبي مالك رضي الله عنه قال: كانوا يتحدثون يوم الجمعة وعمر جالس على المنبر، فإذا سكت المؤذن قام