الله عليه وآله وسلم يدخلون المسجد ثم يخرجون ولا يصلون. (ومن أدلتهم) أيضا حديث ضمام بن ثعلبة عند البخاري ومسلم والموطأ وأبي داود والنسائي لما سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عما فرض الله عليه من الصلاة فقال: الصلوات الخمس، فقال: هل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع وفي رواية للبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبي داود قال: الصلوات الخمس إلا أن تطوع ويجاب عن عدم أمره صلى الله عليه وآله وسلم للذي رآه يتخطى بالتحية بأنه لا مانع له من أن يكون قد فعلها في جانب من المسجد قبل وقوع التخطي منه، أو أنه كان ذلك قبل الامر بها والنهي عن تركها، ولعل هذا وجه النظر الذي ذكره الحافظ، ويجاب عن الاستدلال بأن الصحابة كانوا يدخلون ويخرجون ولا يصلون، بأن التحية إنما تشرع لمن أراد الجلوس لما تقدم، وليس في الرواية أن الصحابة كانوا يدخلون ويجلسون ويخرجون بغير صلاة تحية، وليس فيها إلا مجرد الدخول والخروج، فلا يتم الاستدلال إلا بعد تبيين أنهم كانوا يجلسون، على أنه لا حجة في أفعالهم، أما عند من لا يقول بحجية الاجماع فظاهر. وأما عند القائل بذلك فلا يكون حجة إلا فعل جميعهم بعد عصره صلى الله عليه وآله وسلم لا في حياته كما تقرر في الأصول، وتلك الرواية محتملة، وأيضا يمكن أن يكون صدور ذلك منهم قبل شرعيتها، ويجاب عن حديث ضمام بن ثعلبة أولا بأن التعاليم الواقعة في مبادئ الشريعة لا تصلح لصرف وجوب ما تجدد من الأوامر، وإلا لزم قصر واجبات الشريعة على الصلاة والصوم والحج والزكاة والشهادتين، واللازم باطل فكذا الملزوم. أما الملازمة فلان النبي صلى الله عليه وآله وسلم اقتصر في تعليم ضمام بن ثعلبة في هذا الحديث السابق نفسه على الخمس المذكورة كما في الأمهات، وفي بعضها على أربع، ثم لما سمعه يقول بعد أن ذكر له ذلك: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه، قال: أفلح إن صدق أو دخل الجنة إن صدق. وتعليق الفلاح ودخول الجنة بصدقه في ذلك القسم الذي صرح فيه بترك الزياد على الأمور المذكورة مشعر بأن لا واجب عليه سواها، إذ لو فرض بأن عليه شيئا من الواجبات غيرها لما قرره الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك ومدحه به، وأثبت له الفلاح ودخول الجنة، فلو صلح قوله: لا إلا أن تطوع لصرف الأوامر الواردة بغير الخمس الصلوات لصلح قوله:
أفلح إن صدق ودخل الجنة إن صدق لصرف الأدلة القاضية بوجوب ما عدا الأمور المذكورة. (وأما بطلان اللازم) فقد ثبت بالأدلة المتواترة وإجماع الأمة أن واجبات