إلا إذا طالت مفارقته له بحيث ينقطع معا ملوه، ذكره النووي في شرح مسلم. وقال في الغيث: يكون أحق به إلى العشى. وقال الغزالي: يكون أحق به ما ليضرب. وقال أصحاب الشافعي: إن ذلك على وجه الندب لا على وجه الوجوب، وإليه ذهب مالك.
قال أصحاب الشافعي: ولا فرق في المسجد بين من قام وترك له سجادة فيه ونحوها وبين من لم يترك، قالوا: وإنما يكون أحق به في تلك الصلاة وحدها دون غيرها. وظاهر الحديثين عدم الفرق، وظاهر حديث جابر وحديث ابن عمر أنه يجوز للرجل أن يقعد في مكان غيره إذا أقعده برضاه، ولعل امتناع ابن عمر عن الجلوس في مجلس من قام له برضاه كان تورعا منه، لأنه ربما استحيا منه إنسان فقام له بدون طيبة من نفسه، ولكن الظاهر أن من فعل ذلك قد أسقط حق نفسه، وتجويز عدم طيبة نفسه بذلك خلاف الظاهر، ويكره الايثار بمحل الفضيلة كالقيام من الصف الأول إلى الثاني، لأن الايثار وسلوك طرائق الآداب لا يليق أن يكون في العبادات والفضائل، بل المعهود أنه في حظوظ النفس وأمور الدنيا، فمن آثر بحظه في أمر من أمور الآخرة فهو من الزاهدين في الثواب.
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
إذا نعس أحدكم في مجلسه يوم الجمعة فليتحول إلى غيره رواه أحمد والترمذي وصححه.
الحديث أخرجه أيضا أبو داود عن هناد عن عبيدة بن سليمان وفي إسناده محمد ابن إسحاق وهو مدلس وقد عنعن. وقد أخرجه أيضا ابن حبان في صحيحه معنعنا، وأما ابن العربي فمال إلى ضعف الحديث لذلك. (وفي الباب) عن سمرة عند البزار والطبراني في الكبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا نعس أحدكم يوم الجمعة فليتحول إلى مكان صاحبه ويتحول صاحبه إلى مكانه، وهو من رواية إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن سمرة، قال البزار: إسماعيل لا يتابع على حديثه انتهى. وفي سماع الحسن من سمرة خلاف قد تقدم ذكره، وللحديث طريق أخرى عند البزار وفيها خالد بن يوسف السمتي وهو ضعيف، وفيها أيضا أبو يوسف بن خالد وهو هالك، وبقية السند مجهولون كما قال ابن القطان، قال الذهبي في الميزان: وبكل حال هذا إسناد مظلم. قوله: إذا نعس أحدكم يوم الجمعة لم يرد بذلك جميع اليوم، بل المراد به إذا كان في المسجد ينتظر صلاة الجمعة كما في رواية أحمد في مسنده بلفظ: إذا نعس أحدكم في المسجد يوم الجمعة. وسواء فيه حال الخطبة أو قبلها لكن حال الخطبة أكثر. قوله: يوم الجمعة يحتمل أنه خرج مخرج الأغلب لطول