الحديث بأنها أيها التشريق، وفسر العمل بالتكبير لكونه أورد الآثار المذكورة المتعلقة بالتكبير فقط. وقال ابن أبي حمزة: الحديث دال على أن العمل في أيام التشريق أفضل من العمل في غيرها، قال: ولا يعكر على ذلك كونها أيام عيد كما في حديث عائشة، ولا ما صح من قوله: إنها أيام أكل وشرب كما في حديث الباب، لأن ذلك لا يمنع العمل فيها، بل قد شرع فيها أعلى العبادات وهو ذكر الله تعالى ولم يمتنع فيها إلا الصوم قال وسر كون العبادات فيها أفضل من غيرها أن العبادة في أوقات الغفلة فاضلة على غيرها وأيام التشريق أيام غفلة في الغالب فصار للعابد فيها مزيد فضل على العابد في غيرها. قال الحافظ وهو توجيه حسن إلا أن المنقول يعارضه والسياق الذي وقع في رواية كريمة شاذ مخالف لما رواه أبو ذر وهو من الحافظ عن الكشميهني وهو شيخ كريمة بلفظ: ما العمل في أيام أفضل منها في هذه العشر. وكذا أخرجه أحمد وغيره عن غندر عن شعبة بالاسناد المذكور. ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة فقال: في أيام أفضل منه في عشر ذي الحجة وكذا رواه الدارمي عن سعيد بن الربيع عن شعبة. ووقع في رواية وكيع باللفظ الذي ذكره المصنف، وكذا رواه ابن ماجة من طريق أبي معاوية عن الأعمش، ورواه الترمذي من رواية أبي معاوية وقال: من هذه الأيام العشر. وقد ظن بعض الناس أن قوله في حديث الباب يعني أيام العشر تفسير من بعض الرواة، لكن ما ذكرنا من رواية الطيالسي وغيره ظاهر في أنه من نفس الخبر، وكذا وقع في رواية القاسم بن أبي أيوب بلفظ: ما من عمل أزكى عند الله ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى. وفي حديث جابر في صحيحي أبي عوانة وابن حبان: ما من أيام أفضل عند الله من عشر ذي الحجة. ومن جملة الروايات المصرحة بالعشر حديث ابن عمر المذكور في الباب، فظهر أن المراد بالأيام في حديث الباب عشر ذي الحجة. قوله:
ولا الجهاد في سبيل الله يدل على تقرر أفضلية الجهاد عندهم، وكأنهم استفادوه من قوله صلى الله عليه وآله وسلم في جواب من سأله عن عمل يعدل الجهاد فقال: لا أجده كما في البخاري من حديث أبي هريرة. قوله: إلا رجل هو على حذف مضاف أي إلا عمل رجل. قوله: ثم لم يرجع بشئ من ذلك أي فيكون أفضل من العامل في أيام العشر أو مساويا له. قال ابن بطال: هذا اللفظ يحتمل أمرين: أن لا يرجع بشئ من ماله وإن رجع هو، وأن لا يرجع هو ولا ماله بأن رزقه الله الشهادة، وتعقبه الزين بن