وقد تقدم الخلاف في ذلك وبيان ما هو الحق. قوله: فليصل حتى يشك في الزيادة فيه أن جعل الشك في جانب الزيادة أولى من جعله في جانب النقصان.
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان رواه أحمد ومسلم.
الحديث أخرجه أيضا أبو داود بلفظ: فليلق الشك وليبن على اليقين، فإذا استيقن التمام سجد سجدتين، فإن كانت صلاته تامة كانت الركعة والسجدتان نافلة، وإن كانت صلاته ناقصة كانت الركعة تماما والسجدتان ترغيما للشيطان. وأخرجه أيضا ابن حبان والحاكم والبيهقي. واختلف فيه على عطاء بن يسار فروي مرسلا، وروي بذكر أبي سعيد فيه، وروي عنه عن ابن عباس، قال الحافظ: وهو وهم. وقال ابن المنذر: حديث أبي سعيد أصح حديث في الباب. (والحديث) استدل به القائلون بوجوب إطراح الشك والبناء على اليقين وهم الجمهور، كما قال النووي والعراقي. وقد تقدم ما أجاب به القائلون بالبناء على الظن، وما أجيب به عليهم وما هو الحق. قوله: قبل أن يسلم هو من أدلة القائلين بالسجود للسهو قبل السلام، وقد تقدم البحث عن ذلك أيضا. قوله: فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته يعني أن السجدتين بمنزلة الركعة لأنهما ركناها، فكأنه بفعلهما قد فعل ركعة سادسة فصارت الصلاة شفعا. قوله: كانتا ترغيما للشيطان لأنه لما قصد التلبيس على المصلي وإبطال صلاته كان السجدتان لما فيهما من الثواب ترغيما له، فعاد عليه بسببهما قصده بالنقض. وفي جعل العلة ترغيم الشيطان رد على من أوجب السجود للأسباب المتعمدة، وهو أبو طالب والامام يحيى والشافعي كما في البحر، لأن إرغام الشيطان إنما يكون بما حدث بسببه، والعمد ليس من الشيطان بل من المصلي. وأما استدلالهم على ذلك بالقياس للعمد على السهو، لأنه إنما شرع في السهو للنقص، فالعمد مثله فمردود بأن العلة ليست النقص بل إرغام الشيطان كما في الحديث، وظاهر الحديث أن مجرد حصول الشك موجب للسجود، ولو زال وحصلت معرفة الصواب وتحقق أنه لم يزد شيئا، وإلى ذلك ذهب الشيخ أبو علي والمؤيد بالله، وذهب المنصور بالله وإمام الحرمين أنه لا يسجد لزوال التردد، ويدل للمذهب الأول ما أخرجه أبو داود عن زيد بن أسلم قال: قال النبي صلى الله عليه وآله