والأسطوانة المذكورة حقق لنا بعض مشايخنا أنها المتوسطة في الروضة المكرمة، وأنها تعرف بأسطوانة المهاجرين، قال: وروي عن عائشة أنها كانت تقول: لو عرفها الناس لاضطربوا عليها بالسهام، وأنها أسرتها إلى ابن الزبير فكان يكثر الصلاة عندها، قال: ثم وجدت ذلك في تاريخ المدينة لابن النجار وزاد: أن المهاجرين من قريش كانوا يجتمعون عندها، وذكره قبله محمد بن الحسن في أخبار المدينة. (والحديث الأول) يدل على كراهة اعتياد الرجل بقعة من بقاع المسجد، ولا يعارضه الحديث الثاني لما تقرر في الأصول أن فعله صلى الله عليه وآله وسلم يكون مخصصا له من القول الشامل له بطريق الظهور كما تقدم غير مرة إذا لم يكن فيه دليل التأسي، وعلة النهي عن المواظبة على مكان في المسجد ما سيأتي في الباب الذي بعد هذا من مشروعية تكثير مواضع العبادة. قال المصنف رحمه الله بعد أن ساق حديث سلمة ما لفظه: قلت وهذا محمول على النفل، ويحمل النهي على من لازم مطلقا للفرض والنفل اه.
باب استحباب التطوع في غير موضع المكتوبة عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يصلي الامام في مقامه الذي صلى فيه المكتوبة حتى يتنحى عنه رواه ابن ماجة وأبو داود.
وعن أبي هريرة عن النبي (ص) قال: أيعجز أحدكم إذا صلى أن يتقدم أو يتأخر، أو عن يمينه أو عن شماله؟ رواه أحمد وأبو داود. ورواه ابن ماجة وقالا يعني في السبحة.
الحديث الأول في إسناده عطاء الخراساني ولم يدرك المغيرة بن شعبة، كذا قال أبو داود. قال المنذري: وما قاله ظاهر، فإن عطاء الخراساني ولد في السنة التي مات فيها المغيرة بن شعبة وهي سنة خمسين من الهجرة على المشهور. قال الخطيب: أجمع العلماء على ذلك، وقيل: ولد قبل وفاته بسنة. والحديث الثاني في إسناده إبراهيم بن إسماعيل، قال أبو حاتم الرازي: هو مجهول. قوله: حتى يتنحى لفظ أبي داود: حتى يتحول. قوله: أيعجز بكسر الجيم. قوله: يعني السبحة أي التطوع. (والحديثان) يدلان على مشروعية انتقال المصلي عن مصلاه الذي صلى فيه لكل صلاة يفتتحها من أفراد النوافل، أما