وراءه وهو قاعد وأبو بكر يسمع الناس تكبيره، فالتفت إلينا فرآنا قياما، فأشار إلينا فقعدنا، فصلينا بصلاته قعودا، فلما سلم قال: إن كنتم آنفا تفعلون فعل فارس والروم يقومون على ملوكهم وهم قعود فلا تفعلوا، ائتموا بأئمتكم إن صلى قائما فصلوا قياما، وإن صلى قاعدا فصلوا قعودا. ورواه أيضا مسلم من رواية عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي عن أبي الزبير عن جابر. ورواه أبو داود من رواية الأعمش عن أبي سفيان عن جابر. (وفي الباب) أحاديث قد قدمنا الإشارة إليها في باب وجوب متابعة الامام، وقد قدمنا الكلام على أكثر ألفاظ أحاديث الباب هنالك. قوله: مشربة بفتح الميم وبالشين المعجمة وبضم الراء وفتحها وهي الغرفة. وقيل: كالخزانة فيها الطعام والشراب ولهذا سميت مشربة، فإن المشربة بفتح الراء فقط هي الموضع الذي يشرب منه الناس. قوله: على جذم بجيم مكسورة وذال معجمة ساكنة وهو أصل الشئ، والمراد هنا أصل النخلة. وفي رواية ابن حبان: على جذع نخلة ذهب أعلاها وبقي أصلها في الأرض وحكى الجوهري فتح الجيم وهي ضعيفة، فإن الجذم بالفتح القطع. قوله: فانفكت الفك نوع من الوهن والخلع، وانفك العظم انتقل من مفصله، يقال: فككت الشئ أبنت بعضه من بعض. وقد استدل بالأحاديث المذكورة في الباب القائلون إن المأموم يتابع الامام في الصلاة قاعدا، وإن لم يكن المأموم معذورا، وممن قال بذلك أحمد وإسحاق والأوزاعي وابن المنذر وداود وبقية أهل الظاهر، قال ابن حزم: وبهذا نأخذ إلا فيمن يصلي إلى جنب الامام يذكر الناس ويعلمهم تكبير الامام، فإنه يتخير بين أن يصلي قاعدا وبين أن يصلي قائما، قال ابن حزم: وبمثل قولنا يقول جمهور السلف، ثم رواه عن جابر وأبي هريرة وأسيد بن حضير قال: ولا مخالف لهم يعرف في الصحابة، ورواه عن عطاء، وروي عن عبد الرزاق أنه قال: ما رأيت الناس إلا على أن الامام إذا صلى قاعدا صلى من خلفه قعودا، قال:
وهي السنة عن غير واحد. وقد حكاه ابن حبان أيضا عن الصحابة الثلاثة المذكورين، وعن قيس بن قهد أيضا من الصحابة، وعن أبي الشعثاء وجابر بن زيد من التابعين، وحكاه أيضا عن مالك بن أنس وأبي أيوب سليمان بن داود الهاشمي، وأبي خيثمة وابن أبي شيبة، ومحمد بن إسماعيل، ومن تبعهم من أصحاب الحديث مثل محمد بن نصر، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، ثم قال بعد ذلك: وهو عندي ضرب من الاجماع الذي أجمعوا على إجازته، لأن من أصحاب رسول الله (ص) أربعة أفتوا به، والاجماع