قال: ربما قرأ رسول الله (ص) القرآن فيمر بالسجدة فيسجد بنا حتى ازدحمنا عنده، حتى ما يجد أحدنا مكانا يسجد فيه في غير صلاة. والحديث في البخاري بدون قوله في غير صلاة كما سيأتي. وهذا تمسك بمفهوم قوله في غير صلاة، وهو لا يصلح للاحتجاج به، لأن القائل بذلك ذكر صفة الواقعة التي وقع فيها السجود المذكور، وذلك لا ينافي ما ثبت من سجوده صلى الله عليه وآله وسلم في الصلاة، كما في حديث الباب، وحديث ابن عمر نفسه الآتي. وبهذا الدليل يرد على من قال بكراهة قراءة ما فيه سجدة في الصلاة السرية والجهرية، كما روي عن مالك، أو السرية فقط كما روي عن أبي حنيفة وأحمد بن حنبل.
وعن ابن عمر: أن النبي (ص) سجد في الركعة الأولى من صلاة الظهر فرأى أصحابه أنه قرأ تنزيل السجدة. رواه أحمد وأبو داود ولفظه:
سجد في صلاة الظهر ثم قام فركع فرأينا أنه قرأ: * (ألم تنزل السجدة) * (السجدة: 1).
الحديث أخرجه أيضا الطحاوي والحاكم وفي إسناده أمية شيخ لسليمان التيمي، رواه له عن أبي مجلز وهو لا يعرف، قاله أبو داود في رواية الرملي عنه، وفي رواية الطحاوي عن سليمان عن أبي مجلز قال: ولم يسمعه منه ولكنه عند الحاكم بإسقاطه. قال الحافظ: ودلت رواية الطحاوي على أنه مدلس. (والحديث) يدل على مشروعية سجود التلاوة في الصلاة السرية، وقد تقدم الخلاف في ذلك.
باب سجود المستمع إذا سجد التالي وأنه إذا لم يسجد لم يسجد عن ابن عمر قال: كان رسول الله (ص) يقرأ علينا السورة فيقرأ السجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد أحدنا مكانا لموضع جبهته متفق عليه. ولمسلم في رواية: في غير صلاة.
قوله: يقرأ علينا السورة زاد البخاري في رواية: ونحن عنده. قوله: لموضع جبهته يعني من شدة الزحام، وقد اختلف فيمن لم يجد مكانا يسجد عليه فقال ابن عمر: يسجد على ظهر أخيه، وبه قال الكوفيون وأحمد وإسحاق، وقال عطاء والزهري: يؤخر حتى يرفعوا، وبه قال مالك والجمهور، وهذا الخلاف في سجود الفريضة، قال في الفتح: وإذا كان هذا في سجود الفريضة فيجري مثله في سجود التلاوة، ولم يذكر ابن عمر في هذا الحديث ما كانوا