التكبير فيه دلالة على جواز رفع الصوت بالتكبير لاسماع المؤتمين، وقد قيل: إن جواز ذلك مجمع عليه، ونقل القاضي عياض عن بعض المالكية أنه يقول ببطلان صلاة المسمع.
باب من صلى في المسجد جماعة بعد إمام الحي عن أبي سعيد: أن رجلا دخل المسجد وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من يتصدق على ذا فيصلي معه؟ فقام رجل من القوم فصلى معه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي بمعناه. وفي رواية لأحمد: صلى رسول الله (ص) بأصحابه الظهر فدخل رجل وذكره.
الحديث أخرجه أيضا الحاكم والبيهقي وابن حبان وحسنه الترمذي قال: وفي الباب عن أبي أمامة، وأبي موسى، والحكم بن عمير، انتهى. وأحاديثهم بلفظ: الاثنان فما فوقهما جماعة. قوله: أن رجلا دخل المسجد لفظ أبي داود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصر رجلا يصلي وحده. قوله: من يتصدق لفظ أبي داود: ألا رجل يتصدق؟.
ولفظ الترمذي: أيكم يتجر على هذا؟. قوله: فقام رجل من القوم فصلى معه هو أبو بكر الصديق كما بين ذلك ابن أبي شيبة. (والحديث) يدل على مشروعية الدخول مع من دخل في الصلاة منفردا، وإن كان الداخل معه قد صلى في جماعة، قال ابن الرفعة: وقد اتفق الكل على أن من رأى شخصا يصلي منفردا لم يلحق الجماعة فيستحب له أن يصلي معه، وإن كان قد صلى في جماعة، وقد استدل الترمذ بهذا الحديث على جواز أن يصلي القوم جماعة في مسجد قد صلى فيه، قال: وبه يقول أحمد وإسحاق، وقال آخرون من أهل العلم: يصلون فرادى، وبه يقول سفيان ومالك وابن المبارك والشافعي انتهى. قال البيهقي: وقد حكى ابن المنذر كراهية ذلك عن سالم بن عبد الله وأبي قلابة وابن عون وأيوب والبتي والليث بن سعد والأوزاعي وأصحاب الرأي، وقد استدل بهذا الحديث أيضا على أن من صلى جماعة ثم رأى جماعة يصلون يستحب له أن يصليها معهم، وقد تقدم البحث عن ذلك. واستدل به أيضا على أن أقل الجماعة اثنان، وعلى أنها غير واجبة لعدم إنكاره على الرجل المتأخر عنها لما دخل وحده، وقد قدمنا الكلام على ذلك، والحديث من مخصصات حديث: لا تعاد صلاة في يوم مرتين كما تقدم.