بن عمرو من وجه آخر، أخرجه الدارقطني من رواية الوليد عن زهير بن محمد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعا، والوليد وزهير كلاهما من رجال الصحيح، قال العراقي: لكن زهير روى عن أهل الشام مناكير منهم الوليد، والوليد مدلس، وقد رواه بالعنعنة فلا يصح. ورواه الدارقطني أيضا من رواية محمد ابن الفضل بن عطية عن حجاج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومحمد بن الفضل ضعيف جدا، والحجاج هو ابن أرطأة وهو مدلس مختلف في الاحتجاج به. ورواه أيضا البيهقي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا (والحديث) يدل على أن الجمعة لا تجب إلا على من سمع النداء، وإليه ذهب الشافعي وأحمد وإسحاق، حكى ذلك الترمذي عنهم، وحكاه ابن العربي عن مالك، وروي ذلك عن عبد الله بن عمرو راوي الحديث. وحديث الباب وإن كان فيه المقال المتقدم فيشهد لصحته قوله تعالى: * (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة) * (الجمعة: 9) الآية. قال النووي في الخلاصة: إن البيهقي قال له شاهد فذكره بإسناد جيد. قال العراقي: وفيه نظر، قال: ويغني عنه حديث أبي هريرة عند مسلم وغيره قال: أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له، فلما ولى دعاه فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب. وروى نحوه أبو داود بإسناد حسن عن ابن أم مكتوم قال: فإذا كان هذا في مطلق الجماعة فالقول به في خصوصية الجمعة أولى، والمراد بالنداء المذكور في الحديث هو النداء الواقع بين يدي الامام في المسجد، لأنه الذي كان في زمن النبوة لا الواقع على المنارات فإنه محدث كما سيأتي. وظاهره عدم وجوب الجمعة على من لم يسمع النداء، سواء كان في البلد الذي تقام فيه الجمعة أو في خارجه، وقد ادعى في البحر الاجماع على عدم اعتبار سماع النداء في موضعها، واستدل لذلك بقوله: إذا لم تعتبره الآية وأنك تعلم أن الآية قد قيد الامر بالسعي فيها بالنداء لما تقرر عند أئمة البيان من أن الشرط قيد لحكم الجزاء، والنداء المذكور فيها يستوي فيه من في المصر الذي تقام فيه الجمعة ومن خارجه، نعم إن صح الاجماع كان هو الدليل على عدم اعتبار سماع النداء لمن في موضع إقامة الجمعة عند من قال بحجية الاجماع، وقد حكى العراقي في شرح الترمذي عن الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل أنهم يوجبون الجمعة على أهل المصر وإن لم يسمعوا النداء، وقد اختلف أهل العلم فيمن كان خارجا
(٢٧٧)