وطائفة من السلف. وروي ذلك عن أنس وأبي هريرة، وخالف في ذلك الجمهور والعترة والأئمة الأربعة وغيرهم. فمنهم من قال: يبني على الأقل. ومنهم من قال: يعمل على غالب ظنه.
ومنهم من قال: يعيد، وقد تقدم تفصيل ذلك، وليس في حديثي الباب أكثر من أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر بسجدتين عند السهو في الصلاة، وليس فيهما بيان ما يصنعه من وقع له ذلك، والأحاديث الآخرة قد اشتملت على زيادة، وهي بيان ما هو الواجب عليه عند ذلك من غير السجود فالمصير إليها واجب. وظاهر قوله: من شك في صلاته. وقوله: فإذا وجد أحدكم ذلك. وقوله في حديث أبي سعيد المتقدم: إذا شك أحدكم في صلاته. وقوله في حديث ابن مسعود المتقدم أيضا: وإذا شك أحدكم فليتحر الصواب. وقوله في حديث عبد الرحمن بن عوف: إذا شك أحدكم في صلاته أن سجود السهو مشروع في صلاة النافلة، كما هو مشروع في صلاة الفريضة، وإلى ذلك ذهب الجمهور من العلماء قديما وحديثا، لأن الجبران وإرغام الشيطان يحتاج إليه في النفل، كما يحتاج إليه في الفرض. وذهب ابن سيرين وقتادة، وروي عن عطاء، ونقله جماعة من أصحاب الشافعي عن قوله القديم: إلى أن التطوع لا يسجد فيه، وهذا ينبني على الخلاف في اسم الصلاة الذي هو حقيقة شرعية في الأفعال المخصوصة، هل هو متواطئ فيكون مشتركا معنويا فيدخل تحته كل صلاة؟ أو هو مشترك لفظي بين صلاتي الفرض والنفل؟ فذهب الرازي إلى الثاني لما بين صلاتي الفرض والنفل من التباين في بعض الشروط كالقيام، واستقبال القبلة، وعدم اعتبار العدد المنوي وغير ذلك. قال العلائي: والذي يظهر أنه مشترك معنوي لوجود القدر الجامع بين كل ما يسمى صلاة وهو التحريم والتحليل مع ما يشمل الكل من الشروط التي لا تنفك.
قال في الفتح: وإلى كونه مشتركا معنويا ذهب جمهور أهل الأصول. قال ابن رسلان: وهو أولى، لأن الاشتراك اللفظي على خلاف الأصل والتواطؤ خير منه اه. فمن قال: إن لفظ الصلاة مشترك معنوي، قال بمشروعية سجود السهو في صلاة التطوع، ومن قال: بأنه مشترك لفظي فلا عموم له حينئذ إلا على قول الشافعي أن المشترك يعم جميع مسمياته، وقد ترجم البخاري على باب السهو في الفرض والتطوع، وذكر عن ابن عباس أنه يسجد بعد وتره، وذكر حديث أبي هريرة المتقدم.