ذلك، أشار إلى هذا الكرماني. وقيل في حديث ابن عباس اختصار بينته رواية أبي بكرة، فكأنه أطلق قولهم قالوا يوم حرام، باعتبار أنهم قرروا ذلك حيث قالوا بلى، قال الحافظ: وهذا جمع حسن. (والحكمة) في سؤاله صلى الله عليه وآله وسلم عن الثلاثة وسكوته بعد كل سؤال منها ما قاله القرطبي من أن ذلك كان لاستحضار فهو مهم، وليقبلوا عليه بكليتهم ويستشعروا عظمة ما يخبرهم عنه، ولذلك قال بعد هذا: فإن دماءكم الخ مبالغة في بيان تحريم هذه الأشياء اه. ومناط التشبيه في قوله: كحرمة يومكم هذا وما بعده ظهوره عند السامعين، لأن تحريم البلد والشهر واليوم كان ثابتا في نفوسهم مقررا عندهم، بخلاف الأنفس والأموال والاعراض فكانوا يستبيحونها في الجاهلية، فطرأ الشرع عليهم بأن تحريم دم المسلم وماله وعرضه أعظم من تحريم البلد والشهر واليوم، فلا يرد كون المشبه به أخفض رتبة من المشبه، لأن الخطاب إنما وقع بالنسبة لما اعتاده المخاطبون قبل تقرير الشرع. قوله: أليست البلدة كذا وقع بتأنيث البلدة. وفي رواية للبخاري: أليس بالبلدة الحرام. وفي أخرى له:
أليس بالبلدة الحرام قال الخطابي يقال إن البلدة اسم خاص لمكة وهي المراد بقوله عز وجل: * (إنما أمر ت أن أعبد رب هذه البلدة) * (النمل: 91) وقال الطيبي: المطلق محمول على الكامل وهي الجامعة للخير المستحقة للكمال. قوله: فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام هكذا ساقه البخاري في الحج، وذكره في كتاب العلم بزيادة: وأعراضكم وكذا ذكر هذه الزيادة في الحج من حديث ابن عباس، ومن حديث ابن عمر، وهو على حذف مضاف، أي سفك دماءكم وأخذ أموالكم وسلب أعراضكم. والعرض بكسر العين موضع المدح والذم من الانسان سواء كان سلفه أو نفسه. قوله: اللهم اشهد إنما قال ذلك لأنه كان فرضا عليه أن يبلغ، فأشهد الله تعالى على أداء ما أوجبه عليه. قوله: فرب مبلغ بفتح اللام أي رب شخص بلغه كلامي فكان أحفظ له وأفهم لمعناه من الذي نقله له. قال المهلب فيه: أنه يأتي في آخر الزمان من يكون له من الفهم والعلم ما ليس لمن تقدمه، إلا أن ذلك يكون في الأقل لأن رب موضوعة للتقليل. قال الحافظ: هي في الأصل كذلك، إلا أنها استعملت في التكثير بحيث غلب على الاستعمال الأول، قال:
لكن يؤيد أن التقليل هنا مراد أنه وقع في رواية للبخاري بلفظ: عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه وقوله: أوعى من سامع نعت لمبلغ، والذي يتعلق به رب محذوف وتقديره يوجد