وآله وسلم لم يجلس حتى يتحقق في حقه ترك التحية. وأيضا الجبانة ليست بمسجد فلا تحية لها، فلا يلحق بذلك من دخل لصلاة العيد في مسجد وأراد الجلوس قبل الصلاة، ولكنه سيأتي في أبواب صلاة العيد حديث مرفوع يدل على منع التحية قبل صلاة العيد وبعدها. ومن جملة ما استثني من عموم التحية من دخل المسجد، وقد أقيمت الفريضة فإنها لا تشرع، لحديث أبي هريرة عند مسلم وأصحاب السنن وابن خزيمة وابن حبان مرفوعا بلفظ: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة.
باب الصلاة عقيب الطهور عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لبلال عند صلاة الصبح: يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الاسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة، قال: ما عملت عملا أرجى عندي أني لم أتطهر طهورا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي متفق عليه.
قوله: لبلال هو ابن رباح المؤذن. قوله: عند صلاة الصبح فيه إشارة إلى أن ذلك وقع في المنام، لأن عادته صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يعبر ما رآه، ويعبر ما رآه أصحابه بعد صلاة الفجر، كما وردت بذلك الأحاديث، ويدل على ذلك أن الجنة لا يدخلها أحد إلا بعد الموت. قوله: بأرجى عمل بلفظ أفعل التفضيل، وإضافة الرجاء إلى العمل لأنه السبب الداعي إليه. قوله: في الاسلام زاد مسلم في روايته: منفعة عندك. قوله: فإني سمعت زاد مسلم: الليلة، وفيه إشارة إلى أن ذلك وقع في المنام كما تقدم. قوله: دف نعليك بفتح المهملة وتثقيل الفاء وضبطه المحب الطبري بالذال المعجمة، قال الخليل: دف الطائر إذا حرك جناحيه وهو قائم على رجليه، وقال الحميدي: الدف الحركة الخفيفة. ووقع في رواية مسلم: خشف نعليك بفتح الخاء وسكون الشين المعجمتين وتخفيف الفاء، قال أبو عبيد وغيره:
الخشف الحركة الخفيفة، ووقع في رواية عند أحمد والترمذي وغيرهما خشخشة بمعجمتين مكررتين وهو بمعنى الحركة أيضا. قوله: أني لم أتطهر بفتح الهمزة ومن مقدرة قبله صلة لأفعل التفضيل وهي ثابتة في رواية مسلم. قوله: ما كتب لي أي قدر، وهو أعم من الفريضة والنافلة. قال ابن التين: إنما اعتقد بلال ذلك لأنه علم من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن