أبو زرعة وأبو حاتم: منكر الحديث والأحاديث الصحيحة لا تعارض بمثله، وقد أجاب المانعون عن أحاديث الباب بأجوبة غير ما تقدم وهي زيادة على عشرة، أوردها الحافظ في الفتح، بعضها ساقط لا ينبغي الاشتغال بذكره، وبعضها لا ينبغي إهماله، فمن البعض الذي لا ينبغي إهماله قولهم إنه صلى الله عليه وآله وسلم سكت عن خطبته حتى فرغ سليك من صلاته، قالوا: ويدل على ذلك حديث أنس المتقدم، ويجاب عن ذلك بأن الدارقطني وهو الذي أخرجه قال: إنه مرسل أو معضل، وأيضا يعارضه اللفظ الذي أورده المصنف عن الترمذي على أنه لو تم لهم الاعتذار عن حديث سليك بمثل هذا، لما تم لهم الاعتذار بمثله عن بقية أحاديث الباب المصرحة بأمر كل أحد إذا دخل المسجد والامام يخطب أن يوقع الصلاة حال الخطبة. ومنها أنه لما تشاغل صلى الله عليه وآله وسلم بمخاطبة سليك سقط فرض الاستماع، إذا لم يكن منه صلى الله عليه وآله وسلم خطبة في تلك الحال. وقد ادعى ابن العربي أن هذا أقوى الأجوبة. قال الحافظ: وهو أضعفها لأن المخاطبة لما انقضت رجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى خطبته، وتشاغل سليك بامتثال ما أمره به من الصلاة، فصح أنه صلى حال الخطبة. ومنها أنهم اتفقوا على أن الامام يسقط عنه التحية، مع أنه لم يكن قد شرع في الخطبة، فسقوطها على المأموم بطريق الأولى، وتعقب بأنه قياس في مقابلة النص وهو فاسد الاعتبار. ومنها عمل أهل المدينة خلفا عن سلف من لدن الصحابة إلى عهد مالك أن التنفل في حال الخطبة ممنوع مطلقا.
قال الحافظ: وتعقب بمنع اتفاق أهل المدينة، فقد ثبت فعل التحية عن أبي سعيد، روى ذلك عنه الترمذي وابن خزيمة وصححاه، وهو من فقهاء الصحابة من أهل المدينة، وحمله عنه أصحابه من أهل المدينة، ولم يثبت عن أحد من الصحابة صريحا ما يخالف ذلك، وأما ما نقله ابن بطال عن عمر وعثمان وغير واحد من الصحابة من المنع مطلقا، فاعتماده في ذلك على روايات عنهم فيها احتمال على أنه لا حجة في فعل أهل المدينة ولا في إجماعهم على فرض ثبوته كما تقرر في الأصول. قوله في حديث الباب: وليتجوز فيهما فيه مشروعية التخفيف لتلك الصلاة ليتفرغ لسماع الخطبة، ولا خلاف في ذلك بين القائلين بأنها تشرع صلاة التحية حال الخطبة. قوله: فليصل ركعتين فيه أن داخل المسجد حال الخطبة يقتصر على ركعتين. قال المصنف رحمه الله تعالى: ومفهومه يمنع من تجاوز الركعتين بمجرد خروج الامام وإن لم يتكلم. وفي رواية عن أبي هريرة