الجمعة العروبة كعب بن لؤي، وبه جزم بعض أهل اللغة. والجمعة بضم الجيم على المشهور وقد تسكن وقرأ بها الأعمش، وحكى الفراء فتحها، وحكى الزجاج كسرها. قال النووي:
ووجهوا الفتح بأنها تجمع الناس ويكثرون فيها كما يقال همزة ولمزة لكثير الهمز واللمز ونحو ذلك. قوله: لقد هممت الخ، قد استدل بذلك على أن الجمعة من فروض الأعيان، وأجيب عن ذلك بأجوبة قدمنا ذكرها في أبواب الجماعة، وسيأتي بيان ما هو الحق. قوله: ودعهم أي تركهم. قوله: أو ليختمن الله تعالى الختم الطبع والتغطية، قال القاضي عياض: اختلف المتكلمون في هذا اختلافا كثيرا فقيل: هو إعدام اللطف وأسباب الخير. وقيل: هو خلق الكفر في صدورهم وهو قول أكثر متكلمي أهل السنة يعني الأشعرية. وقال غيرهم: هو الشهادة عليهم. وقيل: هو علامة جعلها الله تعالى في قلوبهم ليعرف بها الملائكة من يمدح ومن يذم. قال العراقي: والمراد بالطبع على قلبه أنه يصير قلبه قلب منافق، كما تقدم في حديث ابن أبي أوفى، وقد قال تعالى في حق المنافقين: * (فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون) * (المنافقون: 30). قوله: ثلاث جمع يحتمل أن يراد حصول الترك مطلقا، سواء توالت الجماعات أو تفرقت، حتى لو ترك في كل سنة جمعة لطبع الله تعالى على قلبه بعد الثالثة وهو ظاهر الحديث. ويحتمل أن يراد ثلاث جمع متوالية كما تقدم في حديث أنس، لأن موالاة الذنب ومتابعته مشعرة بقلة المبالاة به.
قوله: تهاونا فيه أن الطبع المذكور إنما يكون على قلب من ترك ذلك تهاونا، فينبغي حمل الأحاديث المطلقة على هذا الحديث المقيد بالتهاون، وكذلك تحمل الأحاديث المطلقة على المقيدة بعدم العذر كما تقدم. (وقد استدل) بأحاديث الباب على أن الجمعة من فروض الأعيان، وقد حكى ابن المنذر الاجماع على أنها فرض عين. وقال ابن العربي: الجمعة فرض بإجماع الأمة. وقال ابن قدامة في المغني: أجمع المسلمون على وجوب الجمعة، وقد حكى الخطابي الخلاف في أنها من فروض الأعيان أو من فروض الكفايات وقال: قال أكثر الفقهاء: هي من فروض الكفايات، وذكر ما يدل على أن ذلك قو للشافعي، وقد حكاه المرعشي عن قوله القديم، قال الدارمي: وغلطوا حاكيه، وقال أبو إسحاق المروزي: لا يجوز حكاية هذا عن الشافعي، وكذلك حكاه الروياني عن حكاية بعضهم وغلطه. قال العراقي:
نعم هو وجه لبعض الأصحاب، قال: وأما ما ادعاه الخطابي من أن أكثر الفقهاء قالوا إن الجمعة فرض على الكفاية ففيه نظر، فإن مذاهب الأئمة الأربعة متفقة على أنها فرض