وليس بواجب، وإلى ذلك ذهبت الهادوية. واستدل الجمهور على الوجوب بحديثي الباب وبغيرهما من الأحاديث الصحيحة. وأخرج ابن أبي شيبة عن طاوس قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائما وأبو بكر وعمر وعثمان وأول من جلس على المنبر معاوية. وروى ابن أبي شيبة أيضا عن الشعبي أن معاوية إنما خطب قاعدا لما كثر شحم بطنه ولحمه، ولا شك أن الثابت عنه صلى الله عليه وآله وسلم وعن الخلفاء الراشدين هو القيام حال الخطبة، ولكن الفعل بمجرده لا يفيد الوجوب كما عرفت غير مرة. قوله:
ثم يجلس فيه مشروعية الجلوس بين الخطبتين، وقد تقدم الخلاف في حكمه. قوله:
فمن قال إنه يخطب رواية أبي داود: فمن حدثك أنه كان يخطب. ورواية مسلم:
فمن نبأك أنه كان يخطب. قوله: أكثر من ألفي صلاة قال النووي: المراد الصلوات الخمس لا الجمعة اه. ولا بد من هذا لأن الجمع التي صلاها صلى الله عليه وآله وسلم من عند افتراض صلاة الجمعة إلى عند موته لا تبلغ ذلك المقدار ولا نصفه.
وعن الحكم بن حزن الكلفي رضي الله عنه قال: قدمت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم سابع سبعة أو تاسع تسعة، فلبثنا عنده أياما شهدنا فيها الجمعة، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متوكئا على قوس أو قال على عصا، فحمد الله وأثنى عليه كلمات خفيفات طيبات مباركات ثم قال: أيها الناس إنكم لن تفعلوا ولن تطيقوا كل ما أمرتم ولكن سددوا وأبشروا رواه أحمد وأبو داود.
الحديث في إسناده شهاب بن حراش أبو الصلت، وقد اختلف فيه، فقال ابن المبارك:
ثقة. وقال أحمد ويحيى بن معين وأبو حاتم: لا بأس به. وقال ابن حبان: كان رجلا صالحا، وكان ممن يخطئ كثيرا حتى خرج عن الاعتداد به. قال الحافظ: والأكثر وثقوه، وقد صحح الحديث ابن خزيمة وابن السكن، وحسن إسناده الحافظ قال: وله شاهد من حديث البراء بن عازب عند أبي داود: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعطي يوم العيد قوسا فخطب عليه وطوله أحمد والطبراني وصححه ابن السكن. (وفي الباب) عن ابن عباس وابن الزبير عند أبي الشيخ ابن حبان في كتاب أخلاق النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وفي الباب أيضا عن عطاء مرسلا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا خطب يعتمد على عنزته اعتمادا أخرجه الشافعي وفي إسناده ليث بن أبي سليم وهو ضعيف. (الحديث) فيه مشروعية الاعتماد على سيف أو عصى حال الخطبة،