في أول الأمر اجتهاد منه (ص)، والامر بالإجابة بوحي من الله تعالى. وقيل:
الترخيص مطلق مقيد بعدم سماع النداء. وقيل: إن الترخيص باعتبار العذر والامر للندب، فكأنه قال: الأفضل لك، والأعظم لاجرك أن تجيب وتحضر فأجب. قوله: ولي قائد لا يلاؤمني قال الخطابي: يروى في الحديث يلاؤمني بالواو، والصواب يلاؤمني أي يوافقني وهو بالهمزة المرسومة بالواو والهمزة فيه أصلية، وأما الملاومة بالواو فهي من اللوم وليس هذا موضعه. قوله: رخصة بوزن غرفة، وقد تضم الخاء المعجمة بالاتباع وهي التسهيل في الامر والتيسير. (والحديثان) استدل بهما القائلون بأن الجماعة فرض عين، وقد تقدم ذكرهم، وأجاب الجمهور عن ذلك بأنه سأل هل له رخصة في أن يصلي في بيته وتحصل له فضيلة الجماعة لسبب عذر؟ فقيل: لا. ويؤيد هذا أن حضور الجماعة يسقط بالعذر بإجماع المسلمين، ومن جملة العذر العمى إذا لم يجد قائدا، كما في حديث عتبان بن مالك وهو في الصحيح وسيأتي، ويدل على ذلك حديث ابن عباس عند ابن ماجة والدارقطني وابن حبان والحاكم أن النبي (ص) قال: من سمع النداء فلم يأت الصلاة فلا صلاة له إلا من عذر قال الحافظ: وإسناده على شرط مسلم لكن رجح بعضهم وقفه، وأجاب البعض عن حديث الأعمى بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم علم منه أنه يمشي بلا قائد لحذقه وذكائه، كما هو مشاهد في بعض العميان يمشي بلا قائد، لا سيما إذا كان يعرف المكان قبل العمى، أو بتكرر المشي إليه استغنى عن القائد، ولا بد من التأويل لقوله تعالى: * (ليس على الأعمى حرج) * (النور: 61) وفي أمر الأعمى بحضور الجماعة مع عدم القائد ومع شكايته من كثرة السباع والهوام في طريقه كما في مسلم غاية الحرج، ولا يقال: الآية في الجهاد. لأنا نقول: هو من القصر على السبب، وقد تقرر في الأصول أن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. (واعلم) أن الاستدلال بحديثي الأعمى وحديث أبي هريرة الذي في أول الباب على وجوب مطلق الجماعة فيه نظر، لأن الدليل أخص من الدعوى، إذ غاية ما في ذلك وجوب حضور جماعة النبي (ص) في مسجده لسامع النداء، ولو كان الواجب مطلق الجماعة لقال في المتخلفين أنهم لا يحضرون جماعته ولا يجمعون في منازلهم، ولقال لعتبان بن مالك: انظر من يصلي معك، ولجاز الترخيص للأعمى بشرط أن يصلى في منزلة جماعة وعن عبد الله بن مسعود قال: لقد رأيتنا وما أن يصلي في منزله جماعة يتخلف عنها إلا منافق